سؤال وجواب… ما يجب فعله عقب انقضاء الشهر الكريم ؟

سؤال وجواب… ما يجب فعله عقب انقضاء الشهر الكريم ؟

ها قد استجاب الله عزَّ وجل لدعائكم آناءَ الليل وأطرافَ النَّهار بأن يبلِّغكم شهرَ رمضان، وقد أدركتموه، فهلَّا شكرتم ربَّكم على هذه النِّعمة العظيمة بأن منَحَكم أفضلَ فرصة لإصلاح النَّفس وتهذيبِ الرُّوح؛ بالامتثال لكلِّ ما أمَر به الله تعالى، والبعدِ عن كلِّ نواهيه؛ اقتداءً بالنبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم الذي خاطَبه ربُّه عزَّ وجل قائلًا ” فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ” هود: 112؛ فقد أمره جلَّ وعلا بالاستقامة في كلِّ الأوقات وبكلِّ الأحوال، فهنيئًا لِمن أدرك شهرَ الرَّحمة والمغفرة والعِتق مِن النار، هنيئًا لِمن تعلَّم فيه المصابرةَ على الطاعة، والصَّبرَ والصدَّ عن المعصية، هنيئًا لِمن واسى الفقيرَ، وأطعمَ المسكين، وأعطى المحتاج، فها قد انقضى هذا الشَّهر المبارك، ولا بدَّ مِن وقفة قويَّة مع ما قدَّمنا فيه وما فاتنا مِنه، فلا يجب أن تنقضي معه الأعمالُ الصَّالحة، والأقوال الطيِّبة، والعبادات الجليلة، وحتى تتمَّ المداومة على تلك الأمور لا بدَّ أولًا مِن تدارك شيئين على نفس القدر مِن الأهمية:

أولًا: شُكر الله على نِعمة إدراك الشهر الكريم: لطالما دعَونا اللهَ عز وجل بأن يبلِّغنا رمضان، ونفرح كثيرًا بقدومه، ونجتهد فيه للتقرُّب مِن الله عزَّ وجل بالعبادات، فمَن أدرك شهرَ رمضان فقد فاز فوزًا عظيمًا؛ حيث إنَّ إدراكه مِن أعظم أسباب مَغفرة الذُّنوب. فينبغي أيها المسلم أنَّ تعلم أن بلوغ شَهر رمضان نِعمةٌ عظيمة مِن أعظم النِّعم التي تستحقُّ الشُّكرَ؛ قال تعالى في آخر آيات الصيام: ” وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” البقرة: 185.

ثانيًا: الحذر مِن الغرور بالعبادات: قد يغترُّ المرءُ بنفسه وبما قدَّمه مِن عبادات أثناء شهر رمضان؛ نتيجة تصوير الشيطان له بأنَّ ما قام به كَفيلٌ بأن يعتق الله تعالى رقبتَه مِن النار ويدخله الجنَّة، متناسيًا قولَ الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ” النور: 21، فالغرور بالعبادات أشد خطَرًا مِن الغرور بالنَّفس أو الغرور بالتمادي في المعاصي؛ لأنَّه غرور قد لا يلحظه مِن الناس إلا نافذو البَصيرة مِن أهل الإيمان، الذين يَعرفون الفارقَ الدَّقيقَ بين الإنسان العابِد الصَّادق، والعابد المتفاخِر المغترِّ بعبادته.