سؤال وجواب.. ما هي شروط الدعوة إلى الله؟

سؤال وجواب.. ما هي شروط الدعوة إلى الله؟

الدعوة إلى الله سبحانه أشرف الوظائف؛ فهي وظيفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وميراثهم الذي ورَّثوه لمن كان له من الخير حظ وافر، وظهور تلك الدعوة ومتانتها ضمانةٌ لفلاح المجتمع وأمانه من الغوائل والشرور؛ كما قال تعالى: ” وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” آل عمران: 104، وتعظم الحاجة إلى تلك الدعوة كلما ازداد الجهل، واستحكم داء الغفلة، وأخلد الناس إلى الأرض. إن نجاح الدعوة معقود بقدر ما تحقق فيها من حفاظٍ لهذه الأسس، لا بما حققت من شهرة وعدد وسَعَةِ انتشار، وذلك موجب على الداعي إلى الله أن يعتنيَ بها أيما عناية؛ ليقبل الله منه دعوته، ويكرمه بإحلال البركة فيها وإبقاء النفع بها.

أولى تلك الأسس الإخلاصُ المستلهَم من دلالة الحصر في قوله سبحانه: ” دَعَا إِلَى اللَّهِ ” فصلت: 33، وذلك بألَّا يرجوَ الداعي حظًّا من دعوته سوى ابتغاء رضا الله، كما كان ذلك منهجَ الأنبياء قاطبةً في دعوتهم، وصرحوا به جليًّا في دعوة قومهم: ” وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ” الشعراء: 109؛ فما ابتغَوا بدعوتهم منصبًا، ولا جاهًا، ولا وظيفة، ولا مالًا. وثاني تلك الأسس التي يكون عليها عماد الدعوة الربانية قيامها على بصيرة من علم راسخ؛ إذ كيف يدعو إلى الله، ويدل على طريقه مَن لا يعرف هذا الطريق وإن كان مخلصًا في دعوته ودلالته؟ ألا وإن من أخطر ما يكتنف بعض الدعوات قيامَها على الحماس غير المزموم بزمام العلم، وتصدُّرَ الجهلة فيها، والتزهيدَ في العلم، وانتقاصَ العلماء الراسخين، وامتزاجَها بالبدع والخرافات، وليس من شرط تحقق العلم في الدعوة بلوغ الذروة في سُلَّمِهِ، بل يكفي المرء تبليغ ما علمه من دين الله سبحانه، وإن كان آية واحدة. والقدوة أساس ثالث من أسس المنهج الشرعي للدعوة؛ مستلهَم من قول المولى: ” وَعَمِلَ صَالِحًا ” فصلت: 33، وذاك ما تميزت به دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام باطرادٍ، كما حكى حالَهم نبيُّ الله شعيب عليه الصلاة والسلام بقوله: ” وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ” هود: 88، وذلك بألَّا يناقض فعلُ الداعي قولَه، بل كثيرًا ما تكون أفعاله ومواقفه أبلغ تأثيرًا من أقواله.

الشيخ ندا أبو أحمد