قال الله تعالى في إبطال ظلم الذين كانوا يمنعون النساء من الإرث ويجعلونه للرجال خاصة من سورة النساء: ” لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ” النساء: 7. ثم بيَّن نصيبَ كلِّ وارث من الرجال والنساء في آيات المواريث من هذه السورة رقم: 10 – 12 و116. وهي مبنية على قاعدة ” لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ” من الآية العاشرة المفصَّلة في سائر الآيات.
وحكمة جعل نصيب المرأة نصفَ نصيبِ الرجل أن الشرع الإسلامي أوجب على الرجل أن ينفق على المرأة؛ فبهذا يكون نصيب المرأة مساويًا لنصيب الرجل تارة وزائدًا عليه تارة أخرى باختلاف الأحوال. فإذا مات رجل عن ولدين ذكرٍ وأنثى وترك لهما ثلاثةَ آلاف دينار مثلاً؛ كان للذكر ألفان ولأخته ألف. فإذا تزوج هو فإن عليه أن يعطيَ امرأته مهرًا وأن يُعِدَّ لها مسكنًا وأن ينفقَ عليها من ماله سواء أكانت فقيرة أم غنية، ففي هذه الحالة تكون الألفان له ولزوجه، فيكون نصيبه بالفعل مساويًا لنصيب أخته أو أقلَّ منه. ثم إذا وُلد له أولادٌ يكون عليه نفقتُهم وليس على أمهم منها شيء. وفي هذه الحالة يكون ماله الموروثُ دون مال أخته.
فإنها إذا تزوجت كما هو الغالب فإنها تأخذ مهرًا من زوجها وتكونُ نفقتها عليه فيمكنها أن تستغل ما ورِثته من أبيها وتنميه لنفسها وحدَها، فلو لم يكن للوارثَين إلا ما يرثونه من أمواتهما لكانت أموال النساء دائمًا أكثرَ من أموال الرجال، فيكون إعطاؤهن نصفَ الميراث تفضيلاً لهن عليهم في أكثر الأحوال، إلا أن سببه أن المرأة أضعف من الرجل عن الكسب، ولها من شواغل الزوجية وما يتصل بها من حمل وولادة ثم من شواغل الأمومة ما يصرفها عن الكسب الذي تقدر عليه وهو دون ما يقدر عليه الرجل في الغالب فمن ثَمَّ لم يكن فرض نفقة الزوجية والدار والأولاد على الرجل ظلمًا له وتفضيلاً للمرأة عليه في المعيشة.