كان داود عليه السلام في بداية أمره رجلاً فقيرًا في بني إسرائيل؛ حيث كان راعيًا للأغنام قبل أن يلتحق بجيش الملك طالوت، وهو جيش جُمع من شباب بني إسرائيل لمُحاربة أعدائهم الذين اضطهدوهم وأذلوهم سنين طويلة، ثم إنَّ داود عليه السلام أظهر شجاعةً مُنقطعةَ النظير في القتال ضد أعداء بني إسرائيل، وهو مَن تطوع ليتصدَّى لقائد العدو “جالوت”، حين طلب الأخير المبارَزة، وقد وفَّقه الله جل جلاله لقتله، ثم إنَّ الملك طالوت أُعجب بشجاعة داود عليه السلام فقرَّبه منه، فصار داود عليه السلام هو الملك من بعد طالوت؛ قال تعالى: “فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ” البقرة: 251. فاتَّصف نبي الله داود عليه السلام وهو قائد ناجح وإيجابي، بمجموعة من الصفات القيادية، لعل أولها تلك الثلاث الرئيسية التي ذكرت في الآية آنفة الذكر؛ وهي: المُلْك، والحكمة، والعلم، فمن صفات النبي داود عليه السلام:
– المُلك؛ ويتمثَّل في كافة الصلاحيات الإدارية، والتي تتضمَّن القدرة على إصدار الأوامر في العزْل والتعيين، وتقسيم المهام والأمور الأخرى، كما يتضمَّن الصلاحيات المالية، والتي فيها يُخصِّص القائد الأموال اللازمة للبناء والسلم والحرب والعطاءات وغيرها.
– الحِكمة: قال ابن قيم الجوزية: الحِكْمَة: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، ومن هنا فإن داود عليه السلام مع ملكِه العظيم، ومع ما يملك من أمور الدنيا، فإن حكمته قد منحته الفرصة ليقدر الله جل جلاله حق قدره، وكانت حكمته تدعوه دائمًا ليكون عليه السلام ملكًا عبدًا ناسكًا شاكرًا لله جلَّ جلاله.
– العلم: والعلم الذي آتاه الله جلَّ جلاله لنبيه داود عليه السلام نوعان: العلم الشرعي؛ فهو عليه السلام أحد أنبياء الله جلَّ جلاله فضلاً عن كونه مِن الأنبياء الذين أُنزل عليهم كتاب سماويٌّ، وهو “الزبور. والعلم المادي: فقد علَّم الله جل جلاله داود عليه السلام صَنعة لم يسبقه بها أحد في عالم الصناعة حينئذٍ؛ قال تعالى: ” وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ” الأنبياء: 80.