أن أكثر ما يقع زلل الإنسان من قبل لسانه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه فقال: يا لسان، قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أكثر خطايا ابن آدم في لسانه”. ولما كان الأمر كذلك كانت اللسان إذا لم تستقم شاهدة على صاحبها يوم القيامة، سائقة له إلى النار، قال تعالى: ” يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” النور: 24، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: “الفم والفرج”، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: “تقوى الله وحسن الخلق” رواه الترمذي. فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على كفها وإمساكها، فعن سفيان بن عبد اللّه الثّقفيّ رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه، حدّثني بأمر أعتصم به. قال: ” قل ربّي اللّه ثمّ استقم” قلت: يا رسول اللّه، ما أكثر ما تخاف عليّ؟. فأخذ بلسان نفسه ثمّ قال: هذا” رواه الترمذي.
إن اللسان جارحة تكسب بنطقها وبصمتها الحسنات أو السيئات، فطوبى لمن أطلق لسانه في الحق، وحبسها عن الباطل، فعرف الخير فنطق به، وعرف الشر فسكت عن التفوه به.
واعلم أن للسان عبادات يتقرب بها إلى الله تعالى، فمن ذلك: النطق بالشهادتين، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، ودعاؤه والثناء عليه وشكره، وتعلم العلم النافع وتعليمه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقول الحق، ونصرة المظلوم، وإفشاء السلام، وإجابة الوالدين وإسماعهما الكلمات الطيبة، والصمت عن كل ما يغضب الله تعالى من الأقوال، وغير ذلك مما في النطق به أجر، وفي السكوت عنه ثواب. فعلى المسلم أن يحرص على هذه الأعمال اللسانية الطيبة ونحوها، ويبادر إليها، وليعلم أن هناك خيراً عظيمًا ينتظره عند الله تعالى بها، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرتْ عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: “لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله” رواه الترمذي.
الشيخ ندا أبو أحمد