فقد دلَّت نصوص الكتاب والسنة على إثبات الشفاعة في الآخرة؛ قال تعالى: ” قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” الزمر: 44، قال ابن كثير رحمه الله: “الشفاعةُ لا تنفع عندَ الله إلا لمن ارتضاه، وأَذِن له؛ فمرجعُها كلها إليه، وهو المتصرِّف في جميع ذلك”، و أجمع أهلُ السنة والجماعة على أن الشفاعة حقٌّ، ويجب الإيمان بها. كما بيَّنت النصوص صفات الشافع والمشفوع له، وأنواع الشفاعة، وشروطها، وموانعها، وأسباب حصولها؛ وهو المراد من المقال. فمن أسباب نيل الشفاعة:
– التوحيد: إن الشفاعة في الآخرة لا تكون إلا لمن مات على التوحيد، ولم يُشرِكْ بالله شيئًا؛ قال تعالى: ” مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ” التوبة: 113.
– قراءة القرآن: قال صلى الله عليه وسلم: “اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوَيْنِ: البقرة، وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غَمامتان – أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان – من طيرٍ صوافَّ تحاجَّان عن أصحابهما………….” رواه مسلم.
-الصيام: قال صلى الله عليه وسلم: “الصيامُ والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: ربِّ، إني منعتُه الطعام والشراب بالنهار، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: ربِّ، منعتُه النوم بالليل؛ فشفِّعني فيه، فيشفعان” صححه الألباني.
– الدعاء بما ورد بعد الأذان: قال صلى الله عليه وسلم: “مَن قال حين يسمع النداء: اللهم ربِّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة” رواه البخاري.
– كثرة الصلاة: عن خادم للنبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم مما يقولُ للخادم: “ألك حاجة؟” قال: حتى كان ذات يوم فقال: يا رسول الله، حاجتي، قال: “وما حاجتك؟” قال: حاجتي أن تشفعَ لي يوم القيامة، قال: “مَن دلَّك على هذا؟” قال: ربي، قال: “فأعنِّي بكثرةِ السجود”. رواه مسلم. الشيخ ندا أبو أحمد