مع أي ذنب يقترفه الإنسان قد يقترن به ذنوب، وهو لا يعلم أنها أعظم من الذنب الذي ارتكبه؛ حيث إن للذنوب مصدرين: ذنوب الجوارج، وذنوب القلوب، فعندما يفعل الإنسان ذنبًا بجوارحه، قد يتْبَعُهُ ذنوب بقلبه، والجوارح التي تقترف الذنب: اليد، الرجل، العين، اللسان، الأذن، الفَرْجُ، البطن، ومع هذه الجوارح يقترف القلب ذنوب:
الذنب الأول: قلة الحياء من الملائكة، وهذا ذنب مصدره القلب، وهو أعظم من الذنب الذي اقترفته الجوارح، والاعتقاد بوجود الملائكة ركن من أركان الإيمان، ولأهمية الإيمان بالملائكة؛ فقد ورد لفظ الملائكة ثمانيةً وثمانين مرةً في القرآن الكريم، ومنهم الموكَّلون بكتابة أعمال العباد وحفظها؛ قال تعالى: ” وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ” الانفطار: 10 – 12؛ فلا تقابلوهم بالقبائح، فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم.
الذنب الثاني: الاستمتاع بالذنب، وضحك عند فعل الذنب أعظم من الذنب، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يجتمع في القلب ملاحظة نظر الله والمتعة بالذنب أبدًا؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، وفي رواية: والتوبة معروضة بعد” في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الذنب الثالث: الفرح بالذنب عند التمكن منه أعظم من الذنب؛ يقول ابن القيم رحمه الله: “الفرح بالمعصية دليلٌ على شدة الرغبة فيها، والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظَمِ خطرها، ففرحه بها غطى عليه ذلك كله، وفرحه بها أشد ضررًا عليه من مواقعتها”.
الذنب الرابع: الحزن عند فوات الذنب، ولو عقل، لفرح بفوات الذنب، ولَشَكَرَ الله الذي عصمه من الذنب، لكن من يحزن لعدم قدرته على فعل الذنب من المصرين على الفواحش، فمن المنجيات عدم الإصرار على الذنوب والموبقات؛ كما وصف الله المتقين فقال: ” وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ” آل عمران: 135.