قال الله تعالى في المدة بين النفخة الأولى والثانية ” مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ” يس: ٤٩، ٥١. وبيَّن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أن ما بينهما أربعون، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: “مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ”، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. ” ثُمَّ يُنْزِلُ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ” مسلم. أما البعث فيكون بعد النفخة الثانية، ولكن قبل النفخة ينزل ماء من السماء تنبت منه أجساد العباد، دلّ على ذلك: حديث ابن عمرو رضي الله عنهما عند مسلم، وقد تقدَّم مرفوعا: ” ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قَالَ وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ. قَالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ. ثُمَّ يُرْسِلُ اللّهُ، أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ، أَوِ الظِّلُّ -نُعْمَانُ الشَّاكّ- فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظَرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلموا إِلَى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ” مسلم. وإنبات الأجساد بعد نزول المطر عليها يماثل إنبات النبات من الأرض إذا نزل الماء عليها، ولذا كثيرًا ما يضرب الله تعالى في كتابه الكريم المثل للبعث، والنشور، بإحياء الأرض بالنبات، قال تعالى: ” وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ” الأعراف: 57. وأول من تنشق عنه الأرض فيبعث: هو النَّبي صلى الله عليه وسلم. عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشْفَّعٍ” مسلم.
الكاتب إسماعيل شعيب