الاحتساب هو طلب الأجر من الله تعالى بالصبر على البلاء مطمئنة نفس المحتسب غير كارهة لما نزل بها من البلاء. والاحتساب يجمع الإخلاص والصبر وروح المبادرة إلى العمل الصالح، سواء كان النفع ذاتياً يتعلَّق بالعبد، أو كان النفع متعدياً يستهدف الآخرين، وهو في ذلك متبعاً هدي النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن الأثير: الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها، قال تعالى: ” لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ” النساء: 114 ، كما أن رضا العبد بما قسم له مع الاكتفاء به. قال تعالى: ” وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ” التوبة: 59. ومما سبق يتضح أن أنواع الاحتساب ثلاثة:
– احتساب الأجر من الله تعالى عند الصبر على المكاره، وخاصة فقد الأبناء إذا كانوا كبارًا. عن أسامة رضي الله عنه قال: “أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنًا لي قبض فأتنا، فأرسل يُقرئ السلام ويقول: “إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكلٌّ عنده بأجل مسمًّى، فلتصبر ولتحتسب” متفق عليه. ولتحتسب: أي تنوي بصبرها طلب الثواب من الله ليحسب لها ذلك من عملها الصالح.
– احتساب الأجر من الله تعالى عند عمل الطاعات يُبتغى به وجهه الكريم، كما في صوم رمضان إيمانًا واحتسابًا، وكذا في سائر الطاعات. عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة، وهو يحتسبها، كانت له صدقة”.
– احتساب المولى عز وجل ناصرًا ومعينًا للعبد عند تعرضه لأنواع الابتلاء من نحو منع عطاء أو خوف وقوع ضرر، قال تعالى: ” فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ” التوبة: 129.
الشيخ ندا أبو أحمد