إن أعظم نعيم لأهل الجنة رؤية الله تعالى، وهي الغاية التي شمّر لها المشمرون وتنافس فيها المتنافسون، وحُرمها الذين هم عن ربهم محجوبون، وعن بابه مطرودون؛ قال تعالى ” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ” القيامة: 22- 23، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ” إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ” أي تنظر إلى ربها عز وجل. وقال تعالى: ” لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ” ق: 35، قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك رضي الله عنهما “المزيد”: هو النظر إلى الله عز وجل، وقال تعالى: ” لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ” يونس: 26، والحُسنى: الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجهه الكريم، فسَّرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقال تعالى: ” كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ” المطففين: 15، احتج بها بعض السلف على الرؤية لأهل الجنة, قال الشافعي: في هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ. ومن الأسباب الموجبة لرؤية الله تعالى:
أولاً: الإيمان بالله وتوحيده، قال تعالى: ” لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ” يونس: 26، والإحسان أعلى مراتب الإيمان.
ثانياً: المحافظة على صلاة الفجر وصلاة العصر؛ روى البخاري ومسلم من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: ” أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا ” يعني العصر والفجر، ثم قرأ جرير: ” وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ” طه: 130.
ثالثاً: الابتعاد عن المعاصي والذنوب، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم “قال: فقرأها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارٍ، قال أبو ذر خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال:” المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب”.
الكاتب إسماعيل شعيب