سؤال وجواب.. ما هو أثر القرآن في النفوس ؟

سؤال وجواب.. ما هو أثر القرآن في النفوس ؟

 

للقرآن روحانيةٌ خاصة، وسلطان قوي، وتأثير غير منكور، وتَقشَعِرُّ منه جلود الذين يَخشَون ربهم، ثم تَلِين جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله. ولقد صح أن عمر رضي الله عنه قبل أن يُسلِم، جاء إلى أخته يُرِيد الفتكَ بها وبزوجها؛ لأنهما آمَنَا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكفَرا بالأصنام، وانسلخا عن عبادة الأوثان، وبعد مشادَّة بينها وبينه، وبينه وبين زوجها كذلك، طلب منهما أن يأخذ ما عندهما من آيات الله؛ ليرى إلى أي مدى افتتنا بها، وحولتْهما عن اللات والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى، وهنالك يَأبَيَان عليه ذلك، وقالت له أخته: أنت نجس بكفرك الذي أنت عليه، ولا يرضى الله سبحانه وتعالى أن يمسه إلا المطهَّرون، فرغب إليهما أن يسمع منه شيئًا، فأسمَعه زوجُ أخته من أول سورة طه، حتى وصل إلى قوله جل شأنه ” إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ” طه: 14 – 16، وحينئذٍ هدأت ثورته، وذهب غضبه، وسكت غليانه، وشعر كأن المصير المحتوم يهدده، والنار تفتح فاها لتلتهمه، وأنه مُقبِل على يوم ” لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا ” الدخان: 41، وأخذ وجهه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليُعلِن إليه إسلامه، ويضع في يديه زمامه، وليقول بين يديه كلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وقال المؤرخون: إن الكفار الذين اشتهروا بالصد عن الإسلام، والكيد له، لم يستطيعوا صرف نفوسهم من حوله، ولا نسيانَ قلوبهم له، ولا إخفاء إعجابهم به، ولا شغْلَ هواجسهم بغيره، ولا تعليق أفئدتهم بسواه، وكانوا يتعاهدون على ألا يحضروا مجلسه، ولا يملؤوا منه أسماعهم، ولا يتركوه ليغزوَ ضمائرهم وأفئدتهم: ” وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ” فصلت: 26؛ إلا إنهم كانوا يحنثون من قريب، ويتسللون في جنح الظلام للاستماع إليه، ويختلس كل منهم الفرصةَ المواتية لإمتاع خاطره بعذب بيانه، وروعة جرسه، وجمال منطقه، وخلابة معناه، وبلاغة ألفاظه.