“الحمد لله أنا قلبي أبيض”، وصاحبُ هذه الكلمة قد لا يُصلي ولا يُزكي، ولا يَمتثِل لأوامر الشرع، ولا يَنتهي عن نواهيه، ورغم ذلك هو مُصمِّم على بياض قلبه؛ لذا يجب أن نُبيِّن لهؤلاء وغيرهم علامات القلب الأبيض من خلال حديث حذيفة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” تُعرَض الفِتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلب أُشربها، نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرَها، نُكت فيه نكتة بيضاء؛ حتى تَصير على قلبَين؛ على أبيض مثل الصفا، فلا تضرُّه فِتنة ما دامت السموات والأرض، والآخَر أسود مربادًا كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا، ولا يُنكِر مُنكرًا، إلا ما أُشرب من هواه” رواه مسلم. ومِن أبرز علامات صاحب القلب الأبيض:
– قلبه مثل الصَّفا لا تضرُّه فتنة: الصفا هو الحجر الأملَس الشديد الذي لا تؤثِّر فيه عوامل التعرية، ولا يتأثَّر بالاضطرابات المحيطة به، فهو ثابت على حاله، وكذلك القلب الأبيض ثابت على الإيمان، وسليم من الخلل، لم تُلصَق به الفتن ولا تُحرِّكه. والإنسان يحتاج إلى معونة من الله سبحانه وتعالى كي يَثبُت قلبه على هذا البياض، ولا يتلوَّن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول في دعائه: ” يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك “، فقيل له: يا نبيَّ الله، آمنا بك وبما جئتَ به، فهل تخاف علينا؟ فقال: ” نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل يُقلِّبها كيف يشاء “؛ أخرجه الإمام أحمد والترمذي.
– انشراح الصدر: قيل: شرح الصدر إنما هو توسيعه للمَعرفة والإيمان ومعرفة الحق، وجعل قلبه وعاءً للحِكمة، والذي يشهد له القرآن أن الشرح هو الانشراح والارتياح، وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمَعرفة والنور والحكمة، كما في قوله تعالى: ” أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ” الزمر: 22.
– الانكسار: فئة قليلة مَن تدخل على الله من باب الانكِسار؛ مع أن هناك فئات كثُرًا يدخلون على الله بالعجب، فيفعلون الطاعات ويَفخرون بها ليصل أحدهم إلى المنِّ والأذى، ونسي كثير من العباد أن باب الانكسار من أعظم الأبواب التي تُثقِّل القلب وتثبته.