أداء الصلاة يعني: “الإتيان بأركانها كاملة”، ولكن الأمر بالصلاة جاء بصيغة: ” أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ” الأنعام: 72، ولم يستعمل القرآن الكريم صيغة: “صلُّوا” أو “أدُّوا الصلاة”، ولُغَويًّا معنى الإقامة أو قام على الشيء: “حافظَ عليهِ ورَعاهُ”. وقد جاءت صيغة الأمر بالإقامة في القرآن الكريم في أمور عدة؛ منها: قوله تعالى ” وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ” الطلاق: 2، ومعنى إقامة الشهادة: جعلها أمرًا جاريًا مُتعارفًا في المجتمع، وقوله تعالى ” وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ” الرحمن: 9، ومعنى إقامة الوزن بالقسط: جعلُ التقييم العادل للأشياء والحقوق أمرًا متبعًا سائدًا بين الناس. فإقامة الصلاة تعني الجمع بين الخشوع فى الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها، كما تستلزم تَقْوى ومحافظة على السلوك القويم فيما بين الصلوات الخمسة، الخشوع هو الصدق في مخاطبة ربِّ العِزَّة والإخلاص التام في دعائه وعبادته، خاصة وهو يقول في كل ركعة في الفاتحة ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” الفاتحة: 6، ولا يمكن أن تخشع في صلاتِكَ بهذا الشكل وأنت تفعل الفحشاء وترتكب المعاصي بعد الصلاة، وتُصمِّم عليها أثناء الصلاة وبعدها، وإذا فعلت ذلك فإنما تُرائي الناس ولا تخدع سوى نفسِكَ. فالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها هي وسيلةٌ لغاية أسمى هي التقوى والابتعاد عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ” المؤمنون: 1 – 9. أما أن تؤدِّي الصلاة وترتكب الفواحش وتعصي، فلا عبرة هنا بصلاتك، فقد أضعتها مع أنك تُصلِّي شكليًّا ومظهريًّا وحركيًّا.