هناك ظاهرة، وهي الإعراض أو التخلف عن إحدى الصلوات الخمسِ المفروضة، ألا هي صلاة الفجر، التي تجعل من يحافظ عليها في ذمة وفي رعاية وحماية الله سائرَ اليوم، كما في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن صلى الصبح، فهو في ذمة الله”، وتجعل المحافظةَ عليها من أسباب النجاة والفوزِ يومَ القيامة.. لكن الكثيرَ من المسلمين أضاعوا صلاة الفجرِ وأسقطوها من اهتماماتهم، فلا يصلوها إلا بعد انقضاء وقتها. فوالله لو نطقت هذه الصلاة، لاشتكت قلة من يشهدها من المصلين، واشتكت من حال كثيرٍ من المسلمين الذين كَثُر تخلفُهم عن أدائها مع الجماعةِ، أو لم يصلوها إلا بعد خروج وقتها. فصلاة الفجر قضية محورية في حياة الفرد وحياة الأمة المسلمة. فمن صلاة الفجر يبدأُ الفرد وتبدأ الأمة تصحيحَ المسارِ في الحياة، ومنها تبدأ رحلة الجهاد الشاق، جهاد النفس وما أشقه من جهاد!. وبها يقاس مستوى الأمة وقيمتُها وقدرُها، فالأمة التي تُفرط في صلاة الفجر في جماعة لا تستحق التمكين والاستخلاف في الأرض، بل تستحق أن يستبدلها الله بأمة غيرها، قال ربنا سبحانه في سورة الانعام ” وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” الأنعام: 133. وقال في سورة فاطر ” إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ” فاطر: 16، 17، وقال في سورة النساء ” إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ” النساء: 133، وقال في سورة محمد ” وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” محمد: 38. ومن العجائب أن نجد بعض المسلمين لا يحافظون على صلاة الفجر في جماعة، ولا حتى على الصلوات الأخرى، ثم يتحدثون عن النصر والاستخلاف والتمكين في الأرض، فهل يكون ذلك معقولا أو مقبولا؟.
الشيخ ندا أبو أحمد