سؤال وجواب.. لماذا يجب تسوية الصفوف في صلاة الجماعة؟

سؤال وجواب.. لماذا يجب تسوية الصفوف في صلاة الجماعة؟

لصلاة الجماعة منافع عدة على الفرد والمجتمع، في الدنيا وفي الآخرة، وأهل المساجد هم زوار الله تعالى، والكريم سبحانه يكرمهم بما يليق بكرمه وغناه. ومن عجيب ما شرع في صلاة الجماعة تسوية الصفوف وتراصها، فقد تواترت بها الأخبار، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وسار على سنته في العناية بها والتشديد فيها صحابته رضي الله عنهم. وروى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: “أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ” رواه مسلم. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الصفوف والتراص فيها من إقامة الصلاة وحسنها وتمامها، والله تعالى أمرنا بإقامة الصلاة، وإقامتها لا تعني مجرد أدائها؛ لأن إِقَامَةُ الشيء هِيَ الْإِتْيَانُ بِه مُقَوَّمًا كَامِلًا، وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ التَّوَجُّهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالْقَلْبِ وَالْخُشُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْإِخْلَاصُ لَهُ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ، فَهَذَا هُوَ رُوحُ الصَّلَاةِ الَّذِي شُّرِعَتْ لِأَجْلِهِ “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” النور: 56. قَالَ الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى: تَسْوِيَةُ الصَّفِّ إذَا كَانَ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فَهُوَ فَرْضٌ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الصَّلَاةِ فَرْضٌ؛ وَمَا كَانَ مِنْ الْفَرْضِ فَهُوَ فَرْضٌ. ولما كان الأمر بإقامة الصلاة يستلزم الخشوع فيها، كان التراص في الصف وتسويته من أسباب الخشوع؛ لأنه يطرد الشيطان الذي يتخلل من فرج الصفوف فيسرق من صلاة المصلين، ويوسوس لهم فيها، وينقل أذهانهم من مناجاة الله تعالى إلى أودية الدنيا، حتى تنتهي الصلاة ولم يشعر المصلي بها، ومما يدل على أن في رص الصفوف طردا للشياطين حديث أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ” وهي: غنم سود صغار فكأن الشيطان يتصغر حتى يدخل في تضاعيف الصف.