اعلم أن الصلاة جماعة في بيوت الله تعالى من واجبات الدِّين، وسُنَنِ الهدى، يجتمعُ للمصلِّي فيها شرفُ المناجاة لله تعالى، وشرف العبادة، وشرف البقعة، ولقد رتَّبَ الإسلامُ على حضورِ المساجد أجراً عظيماً، وإذا كان حضور الجماعة بهذه المنـزلة، فإنه ينبغي للمصلِّي أن يَتحلَّى بأشرفِ الصفاتِ وأحسنِ الخصال مِمَّا وَرَدَ في أحكام حُضورِ المساجد في الكتاب والسنة، تأدُّباً مع اللهِ تعالى وتطبيقاً للسنة، ومن أشرف الصفات وأحسن الخصال أن يخرج المصلِّي للمسجد في أحسن هيئةٍ، لأن الصلاة صلةٌ بينك وربِّك، تُقفُ بين يديه تعالى تُناجيه، تقرأ كلامه وتذكُره وتدعوه، فينبغي أن تكون في هذا الموقف العظيم على أحسن هيئةٍ وأتَمِّ حال قبل الدخول في الصلاة، وذلك لأن بعض المصلِّين لا يهتمُّ بها، لجهله أو لأن الصلاة تحولَّت عنده إلى عادةٍ، فهو يذهبُ إلى مكان عمله أو مكان وليمةٍ أحسن من الهيئة التي يذهَبُ بها إلى بيت الله تعالى.
أيها المصلِّي ينبغي لك أن تلبس عند مناجاة ربك أحسنَ ثيابكَ في الصلوات كُلِّها، إذ ليس المقصود من اللباس هو ستر العورة فحسب، وإنما يُرادُ معَ ذلكَ التجمُّل للوقوف بين يدي ربِّ العالمين، قال الله تعالى ” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ” الأعراف: 31، قال ابنُ كثيرٍ “ولهذهِ الآيةِ وما وَرَدَ في معناها من السُّنةِ: يُستَحَبُّ التَّجَمُّلُ عند الصلاةِ، ولا سيَّمَا يومَ الجمعةِ ويومَ العيدِ، والطِّيبُ لأنهُ من الزِّينَةِ، والسِّواكُ لأنهُ من تَمَام ذلكَ” وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم “إذا صَلَّى أحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثوْبَيْهِ، فإنَّ اللهَ أَحَقُّ مَن تُزُيِّنَ لَهُ” صحَّحه الألباني، وخرَّج أبو داود في مراسيله “كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا قامَ إلى الصلاةِ فَمَا يُعْجبُهُ إلا الثِّيابُ النَّقِيَّةُ والرِّيحُ الطَّيِّبةُ”. وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعَةِ ولَبسَ مِن أحْسَنِ ثيابهِ..” الحديث رواه أبو داود وصحَّحه العيني، ورأى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلاً عليه ثيابٌ وسِخَةٌ فقال: “أَمَا كانَ هذا يَجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ” رواه أبو داود وصححه الألباني. وقال ابنُ رجبٍ “وقد كان لتميمٍ الداري حُلَّة اشتراها بألفِ درهمٍ يقومُ بها الليل”.
الشيخ ندا أبو أحمد