سؤال وجواب.. لماذا خلق الإنسان عجولا ؟

 سؤال وجواب.. لماذا خلق الإنسان عجولا ؟

إن طبيعة الإنسان كما أخبر الله سبحانه وتعالى: “خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ”، فالإنسان بطبيعته عجول، والنفس بطبيعتها مندفعة، وهذا أمرٌ جعله الله سبحانه وتعالى لحكمة عظيمة؛ في أن يكون للإنسان هذا الطبع وهذه الصفة والغريزة؛ بدليل أن بعض الأنبياء لم يَسلَمْ منها في بعض المواقف. فهذا سيدنا موسى عليه السلام قصته مع الخضر واضحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يرحَمُ الله موسى، ليس المُعايِن كالمُخبَر، أخبره ربُّه أن قومه فُتِنوا بعدَه، فلم يُلقِ الألواح، فلما رآهم وعاينَهم ألقى الألواح”، وقال الله عنه: ” وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ” طه: 83، 84.

وسيدنا يونس عليه السلام ذهب مغاضبًا، وتعجَّل أمر ربه مع قومه؛ ولذلك خاطب الله نبيَّنا عليه الصلاة والسلام قائلاً: ” فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ” القلم: 48، 49. وسيدنا يوسف عليه السلام تعجَّل الخروج من السجن حين قال للغلام: ” وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ” يوسف: 42. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رحم الله يوسفَ؛ لولا الكلمةُ التي قالها: ” اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ “، ما لبث في السجن ما لبث، ورحم الله لوطًا؛ إن كان ليأوي إلى ركن شديد؛ إذ قال لقومه: ” لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ” هود: 80، قال: فما بعث الله نبيًّا بعدَه إلا في ثروة من قومه” رواه ابن حبان. وها هو نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم يتعجل في تلقي القرآن من جبريل؛ خوفًا من نسيانه، فنهاه المولى سبحانه عن ذلك، وطمأنه بحفظه إياه، قال تعالى: ” لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ” القيامة: 16 – 19. إذًا فهي صفة الإنسان الذي يسابقُ القضاء، إلا أن يتصل بالله فيثبُتَ، ويطمئنَّ، ويكِلَ الأمر لله، فيرضى ويسلم ولا يتعجل.