مَن بيننا اليوم مَن ليس له همٌّ إلا تتبع عورات الآخرين؟ فمرةً يشمت بأحوالهم وأشكالهم، ومرةً بأنسابهم وأحسابهم، بل قد يصل الأمر والعياذ بالله أن يفرح بما حلَّ بهم من مصائب وأحزان، ومن كان هذا طبعه، فليعلم أن فيه صفةً من أبرز صفات المنافقين الذين يكنون العداوة والبغضاء للمؤمنين، وقد أخبر عنهم عز وجل في كتابه؛ فقال سبحانه ” إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ” آل عمران: 120. فاحذروا من تتبع عورات الآخرين ورصد أخطائهم، وإياكم والشماتة بأحوالهم، واقتدوا بنبيكم عليه الصلاة والسلام؛ فقد كان يتعوذ من الشماتة؛ كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء”. وكان عليه الصلاة والسلام ينهى أصحابه عن تتبع عورات الآخرين؛ فعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر مَن آمن بلسانه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه في جوف بيته”. واحذروا تتبع عورات المسلمين، ورصد عيوبهم، واحذروا كل الحذر من الشماتة بأحوالهم، فإن من شمت بالمسلمين أو استهزأ بأحوالهم وأخلاقهم، أو تربيتهم لذرياتهم – فإنه على خطر عظيم، ويُخشى عليه أن يقع فيما وقعوا فيه من الأخطاء، سواء كان يشمت بذنوبهم، أو بعقوق أبنائهم، أو بسوء أخلاقهم؛ قال أحد العباد: “عبت شخصًا قد ذهب بعض أسنانه؛ فذهبت أسناني”، وقال ابن سيرين: “عيرت رجلًا بالإفلاس؛ فأفلست”، ومثل ذلك كثير، وفي الحديث الذي في سنده مقال عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك”. روي عن بعض السلف: “أدركت قومًا لم يكن لهم عيوب، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبًا، وأدركت قومًا كانت لهم عيوب، فكفوا عن عيوب الناس، فنُسيت عيوبهم”.
الكاتب إسماعيل شعيب