لقد أصبحت النميمة وقرينتها الغيبة لدى بعض أفراد وشرائح المجتمع عادةً يومية لا يمكنهم التخلي عنها أو العيشَ دونَها، فلا تكادُ تخلو مجالس الرجال وتجمعات النساء من رائحة النميمة ونقلِ الكلام والطعن والسخرية. بل تفنَّنُوا وابتكروا لها أساليبَ عديدة، واستُخدمت في ذلك التقنيات الحديثة، لاسيما مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت باحاتٍ مفتوحةً لتناقل أخبار وأعراض الناس، وإشاعة الأكاذيب وإلصاق التهم بالأبرياء ولمزهم والطعن فيهم. فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة أن يتق الله ولا يُلق بنفسه في تيار النميمة، فإنها خصلة قبيحة ذات خطر كبير على العلاقات الأخوية والروابط الاجتماعية. فعلى كل مسلم أن يجتنب النميمة والنمامين، فلطالما خُرٍّبت بيوت عامرة وفُرقت أسر مجتمعة وأزهقت أرواح بريئة بسب النميمة والنمامين على كل مسلم أن يَتثبت إذا نَقل إليه النمام ما يُجرح المشاعر أو يثيرها، قال ربنا: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” الحجرات: 6. فإذا أتاك أيها المسلم، نمام وبدأ ينقل إليك ما يفسد الوُد والمحبة ويَزرع الحقد، فأسكته وعظه وانصحه وخوفه بالله، وذكره بتحريم النميمة وسوء منقلب صاحبها لعله يتذكر أو يخشى، وإياك والانخداع بالنمامين فإن من نم لك نم عليك. وتذكر أن الله تعالى قد حذر من الاستماع للنمام فقال سبحانه ” وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ” القلم: 10، 11. فالنمام خائن ولو كان صادقا مستهين بالتعاليم الربانية التي ذَمَّت وتوعدت كل هماز مشاء بنميم..ففي الحديث الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: “إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من البول”. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من ينقل كلام الناس، قصد الإفساد بينهم، فقال: “لا يدخل الجنة نمام” مسلم. فمن كان واقعا في شيء من النميمة، فليتب منها عاجلا مادام قادرا على التوبة وما دام باب التوبة مفتوحاً. فلنتق الله تعالى ولنحفظ ألسنتنا من كلام السوء وشر النمامين.
الشيخ ندا أبو أحمد