هذا سؤال منطقي وواقعي، لابد لكل إنسان أن يسأله لنفسه، لماذا أنا موجود؟ وما هو السرُّ والحكمة في ذلك؟ وجواب هذا السؤال يمثل الحافز الحقيقي للفرد، الحافز الذي سيدفعه لوضع أهدافه، وبناء ذاته وفقها، وتحديد طريقه في الحياة، ثم يضع بعد ذلك الخطط اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ثم ينفذ هذه الخطط بحزم وجدّ ومثابرة. ومن الواجب أن يعرف الجميع جواب هذا السؤال المهم، وهو: أنا موجود من أجل وظيفتين، أولهما أن أعبد الله جل جلاله ، والأخرى أني خليفة في الأرض، وقد وضعني إلهي وربي الذي خلقني وكرمني وفضلني بوظيفة الخليفة في الأرض، وأنا أتعبده جل جلاله بهذه الوظيفة، يقول الله سبحانه وتعالى: ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ” البقرة: 3، ويقع على عاتقي ما يقع على الخليفة من مهام، وإنها “الخلافة” هي جزء من منظومة العبادة التي خلقني الله جل جلاله من أجلها، حيث يقول الله عزّ وجلّ: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات: 56. إنَّ المهمة إذاً كبيرة جداً، وتحتاج إزاء ذلك إلى تفكير راقٍ، وبمستوًى عالٍ، وعمل دؤوب، وعزيمة لا تلين، كما يحتاج المرء إلى أن يحدد أهدافاً راقية، لا تتعلق بشخصه فحسب، ولكن بأبناء جنسه، وبكل من حوله حتى المخلوقات الأخرى، حية كانت أم غير حية، وهذا هو جزء من دوره، ووجود الفرد كخليفة يقتضي أن تكون له رسالة راقية يوصلها للناس. والرسالةُ تُعنى بفلسفة الفرد في حياته، وهي بلورة للغاية التي يعيش من أجلها والأولويات العليا التي يريد تحقيقها، وأي غاية أسمى وأعظم من الوصول لرضا الله جل جلاله وتحقيق ما يأمر به، وتنفيذ ما أنزله من أجلنا، فهذه أسمى الغايات وأرفع المطالب، فالفرد حين تكون هذه غايته ستوجه كل أفعاله بوصلة واحدة لا غير هي أوامر ونواهي الله جل جلاله.
الكاتب إسماعيل شعيب