إن منهج الكتاب والسنة منهج عظيم في معالجة أخطاء التائبين، وفي دعوة هؤلاء للتوبة والاستقامة، إن ربكم الذي عُصي جنابه، وأذنبوا هم في حقّه، ناداهم فقال: ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” الزمر: 53، هذا هو منهج القرآن، وهو منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نسيتم أبا طويل لمَّا جاء إلى رسولكم صلى الله عليه وسلم، جاءه وقد احدودب ظهره، ورقّ عظمه، وسقط حاجباه على عينيه، فقال: يا محمد، شيخ كبير، لم يترك معصية ولا سيئة إلا أتاها، لم يترك حاجة ولا داجّة إلا فعلها، لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ارتكبها، أفله توبة؟!، ماذا قال صلى الله عليه وسلم لهذا التائب؟ قال له عليه الصلاة والسلام: “أو قد أسلمت”، قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: “تفعل الخيرات وتترك السيئات، ويجعلهن الله كلهن خيرات”، قال: وغدراتي وفجراتي، قال صلى الله عليه وسلم: “نعم”، يجعلهن الله كلهن خيرات”، فما زال يكبر، الله أكبر حتى توارى، رواه البزار والطبراني بسند صحيح.
فاستوصوا بالتائبين خيرا، واتقوا الله إذا جلستم مع هؤلاء التائبين، افرحوا بتوبتهم، قرّبوهم منكم، عظموا أمرهم، أليس التائب حبيب الرحمن! ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ” البقرة: 222، بلى والله لنفرح بتوبة هؤلاء، لنفرح بعودتهم إلى الله، لنفرح برجوعهم إلى الحق، “لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم كان على راحلته، وعليها طعامه وشرابه، ثم انفلتت منه وأيس من الحياة، واضطجع تحت شجرة، ينتظر الموت، فإذا بها قائمة فوق رأسه”، إي والله أقبلوا على الله، ففرح الله، وعادوا إلى الله، فأحبهم الله، ونحن – أيها الإخوة – إذا جاء هؤلاء التائبون يقبلون على ربهم سبحانه وتعالى، كيف لا نفرح؟ كيف لا نحبهم؟ كيف لا نكرمهم ونجلّهم؟، فقد أحبهم رب الأرض والسماوات، وفرح بتوبتهم الله سبحانه وتعالى رب البريات. إن بعضنا للأسف هو العقبة التي تمنع هؤلاء من التوبة، إن كثيراً من التائبين الذين يريدون أن يتوبوا، يعلمون سعة رحمة الله، وليسوا بآيسين أن الله سيقبلهم على ذنوبهم، لكن يخافون من المجتمع أن لا يقبلهم إذا تابوا إلى الله.