سؤال وجواب… كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي العشر؟

سؤال وجواب… كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي العشر؟

 

وها نحن نستشرف حلول أفضل أيام وليالي هذا الشهر الكريم، وهي عَشرهُ الأخيرة، فمن المعلوم أنَّ العشر الأواخر من شهر رمضان هي أفضل لياليه وأيامه، وذلك لأنَّ فيها ليلة القدر التي هي أعظم الليالي وأشرفها؛ كما قال عز من قائل: ” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” القدر: 1، وهذه العشر الأخيرة من رمضان لها فضلها، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعظِّمُها ويجتهدُ فيها بالعبادة ما لا يجتهدُ في بقية ليالي هذا الشهر الكريم، فقد ثبت في الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ، وشدَّ المئزر. ومعنى قولها: “شدَّ المئزر”؛ يعني: اجتهد وشمَّر عن ساعد الجدِّ والرغبةِ في العبادة بمزيدٍ عما كان من قبل، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، وهذا هو مقتضى ما يكون في الاعتكاف؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم من سُنته الاعتكاف في العشر الأخيرة من رمضان. وثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجتهدُ في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.

وفي قولها رضي الله عنها: “إذا دخل العشر أحيا النبي صلى الله عليه وسلم الليل”، المعنى أنَّه يبادر بالطاعات من صلاةٍ وقرآنٍ وذكرٍ ودعاءٍ، وصدقةٍ وغيرها، وأخصُّ ما يكون به إحياء ليل العشر الأواخر هو الصلاة والتهجد، فإنَّ هذه الليالي والليل بعامة محلٌّ لهذه العبادة العظيمة ” وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ” الإسراء: 79. فالقيام في هذه الليالي فضله عظيم، وله مزيةٌ على ما كان من الليالي السابقة، والسرُّ في هذا أنَّ في هذه العشر ليلةُ القدر. تأمَّل يا عبد الله، تأمَّل قوله عليه الصلاة والسلام: “غُفِر له ما تقدم من ذنبه”، إنها فرصة عظمى ومنحة كبرى، لا يفرِّط فيها إلا محروم، تأمل يا عبد الله، يُقال لك أنك إذا قمت هذه الليلة – وهكذا قيامك رمضان كله – أنك ترجع كيوم ولدتك أُمك، ليس عليك سيئات، إنما يحسب لك الحسنات، إنَّ الذي يفرِّط في هذا متغافلٌ مغبونٌ أعظم الغبن؛ لأنه عرْضٌ كريم ومنحةٌ شريفة من رب كريم.