إن ثمة ظاهرة من الظواهر النفسية المزعجة، قد غلبت على بعض النفوس، فدفعت أقواماً لإفساد حياتهم وتطليق زوجاتهم، وآخرين لقتل أحبابهم، وآخرين لإيذاء أولادهم، أو إفساد أرزاقهم وتنغيص عيشهم. كم أفسدت هذه الظاهرة من بيوت، وكم هدمت من أرحام وعلاقات، ألا وهي ظاهرة الغضب. والحِلْمُ أساسُ الأخلاقِ ودليلُ كمالِ العقلِ وامتلاكِ النفسِ، والمتّصفُ بهِ عظيمُ الشأنِ، رفيعُ المكانةِ، محمودُ العاقبةِ، مرضِيُّ الفعلِ. لا يزالُ الكثيرُ يذكرُ أناسًا كانَ لسرعةِ غضبهمْ، وقلةِ حلمهمْ أنْ أوقعهمْ شراكُ الغضبِ في كثيرٍ من المهالكِ، والعديدِ منَ المآزقِ بلْ ربما تسببَ في إهانتهِ أمامَ الناسِ، أوْ إقصائهِ منْ وظيفتهِ أوْ منْ فرصةٍ تجاريةٍ، أوْ منْ حظوةٍ اجتماعيةٍ ولربما دفعهُ غضبهُ لارتكابِ حماقاتٍ يدفعُ ثمنها منْ سمعتهِ ومالهِ غاليًا. ومنْ أنواعِ الظلمِ والعدوانِ، وكثيرٍ من الأقوالِ المحرَّمةِ؛ كالقذفِ، والسبِّ، في حالةِ الغضبِ وفي جميعِ حالاتِ الانفعالِ الشديدِ، يتعطلُ التفكيرُ. ولذلك كثيرًا ما يندمُ الإنسانُ على ما يصدرُ عنهُ أثناءَ الغضبِ منْ أقوالٍ وأفعالٍ. إنَّ السيطرةَ على لحظاتِ الغضبِ يعدُّ منَ الأمورِ الشاقةِ على الإنسانِ لكنْ إذا تذكرنَا أنهُ ما أنزلَ اللهُ منْ داءٍ إلا وأنزلَ معهُ الدواءَ. فقدْ أوضحَ لنا عليهِ الصلاةُ والسلامُ كلَّ الإيضاحِ علاجَ هذا الداءِ إذا ما وقعَ، ومنْ ذلكَ:
– التعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ حينَ وجودِ الغضبِ، فهوَ علاجُ ما أَحسَنهُ! يدلُّ على الاعتصامِ باللهِ والالتجاءِ إليهِ منْ هذا الشيطانِ الرجيمِ.
– ومنَ الأسبابِ المهدِّئةِ للغضبِ: جلوسهُ إنْ كانَ قائمًا، فإنْ أجدى لذلكَ، وإلا فليضطجعْ؛ كما في الحديثِ الذي أخرجهُ الإمامُ أحمدُ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: “إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ” صححه الألباني.
– ومنَ الأسبابِ التي تُتَّخذُ لدفعِ الغضبِ ومضارهُ: السكوتُ، قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: “وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ” رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.
– ومنْ أسبابِ دفعِ الغضبِ مصاحبةُ أهلِ الحلمِ، ومنَ العلاجاتِ النبويةِ لدفعِ حرارةِ الغضبِ أنْ يتوضأَ أوْ يَغتسِلَ؛ لأنَّ الغضبَ جمرةٌ في قلبِ كلِّ إنسانٍ؛ ولهذا تحمرُّ عيناهُ.
الشيخ ندا أبو أحمد