عن أبي هُريرَة وأبي سَعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنهما: أنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ: “لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عزَّ وجل إلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وذَكَرَهُمْ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ”. وما أَظُنُّ مجلسًا من مجالس الخير تتكاثر فيه البركات، وتنهمر عليه الرَّحمات، ويعود على المسلمين بالأجر الجزيل، والفضل العظيم، كمجلس قُرآنٍ فيه تَدارُسٌ وتعاهُدٌ وتعلُّم وتعليم، ومَنْ حضره نال أربع جوائز عظيمة، وهي كالآتي:
الجائزة الأولى: تنزُّل السَّكينة عليهم: إنَّ أوَّل ما يُتْحَفُ به هؤلاء المجتمعون على تلاوة القرآن وتدبُّره، نزولُ السَّكينة عليهم، وهي الطُّمأنينة والرَّاحة النَّفسية، فلا يصيبهم ما يملأ قلوبَ الآخرين من قلق واضطراب وأمراض نَفْسِيَّةٍ وعُقَدٍ ومَخَاوِفَ جَعلت حياة هؤلاء جحيمًا لا يُطاق.
الجائزة الثانية: تغشاهم الرَّحمة: الرَّحمة قريبة من أهل القرآن، بل تغشاهم في مجالسهم، وأهل هذا المجلس هم من المحسنين كما قال تعالى: “إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ” الأعراف: 56، وجزاء أهل الإحسان عند الله عظيم، فإنَّ: “لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ” الزمر: 34، ويقال لهم: “كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ ” المرسلات: 43-44، واللهُ تعالى يُحِبُّهم: “وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” البقرة: 195.
الجائزة الثالثة: يَذْكُرُهُمُ اللهُ فيمن عنده: ومعنى: “ذَكَرَهُمُ اللهُ فِيْمَنْ عِنْدَهُ” أثنى عليهم، أو أثابهم فيمن عنده من الأنبياء والملائكة الكرام. وأيُّ مكانةٍ أكرمُ وأعظمُ من أن يذكر اللهُ جلَّ جلالُه وتقدَّست أسماؤه عبدَه الفقيرَ الضَّعيفَ فيمن عنده في الملأ الأعلى؟!. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: “يَقُولُ اللهُ عزَّ وجل: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُني، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُ” رواه مسلم.