زيارة الشيخ عبد الله طاهري لموريتانيا.. الدلالة الروحية والخيار الاستراتيجي

زيارة الشيخ عبد الله طاهري لموريتانيا.. الدلالة الروحية والخيار الاستراتيجي

أنهى، مؤخرا، العلامة مولاي عبد الله طاهري السباعي التواتي الجزائري، شيخ المدرسة الطاهرية للتعليم الشرعي، ببلدية سالي ولاية أدرار، زيارته للجمهورية الإسلامية الموريتانية، شملت مشايخ ومحاظر، تعبر عن أهمية التعرف على جزء مهم من أجزاء الوطن والمغرب العربيين بصفة عامة، والإقليم المغاربي بصفة خاصة.

زيارة الشيخ والوفد المرافق له، تعد الأولى له، شملت عدة نقاط أهمها زيارته للسفارة الجزائرية بالعاصمة نواكشوط، ووقوفه على جهود البعثة الجزائرية من خلال الحديث عن الجانب الثقافي بين البلدين، خاصة بين علماء الجزائر عامة وتوات خاصة من جهة، وبين علماء موريتانيا من جهة أخرى، وهو ما تؤكده كتب التاريخ التي تحدثت عن القطرين، ومدى أهمية التمثيل الروحي للجزائر، لكونه الجناح الآخر للتمثيل الدبلوماسي، وأن كلاهما مكمل للآخر داعم له.

ومن جهة أخرى، كانت الزيارة علمية ومعرفية لمحاظر وشيوخ ومدارس لها شأنها الفكري والدعوي والعلمي مغاربيا وعربيا وإفريقيا، فضلا عن امتدادها الاستراتيجي عربيا وعالميا، ناهيك عن زيارته العائلية والاجتماعية، وصلة الرحم باعتبارها من أبرز تعاليم ديننا الحنيف وشرعنا الشريف، لكونها من صميم البر وجوهر الطاعة للوالدين صلة أحبابهما، هذا ما يعزز مدى متانة روابط المحبة والعلاقة والصداقة بين الشعبين الجزائري والموريتاني، وكذا علاقة الشيخ الوالد مولاي أحمد طاهري السباعي التواتي بموريتانيا قاطبة، وبأبناء أبي السباع الذين لهم ظهور قوي وحُضُور مميز في ربوع موريتانيا.

الشيخ مولاي عبد الله طاهري، هو أحد أعلام التربية والتعليم ونشر قيم التسامح والسلم في الجزائر، سنّ سنة والده الشيخ مولاي أحمد رحمه الله خاصة ما تعلق منها بمسيرته العلمية، وسيرته العرفانية، ورحلاته الاستكشافية بين شنقيط وسالي والحجاز وغيرها من الأقطار والبلدان العربية والإسلامية، وكذا تجلية مسارات رسالته التي خرج من أجلها وهي نشر العلم والدعوة إلى العمل به، رغم مرارة إجراءات الاستعمار الفرنسي وقتها من التعذيب والإيذاء في سبيل الدفاع عن الوطن، حيث كان الشيخ الوالد رحمه الله تعالى من أبرز من وقفوا في وجه دعاة فصل الصحراء عن الشمال، وهو ما تجرع بسببه ألوانًا من التعذيب.

زيارة شيخ الجزائر العلامة مولاي عبد الله طاهري السباعي التواتي الجزائري، لبلاد شنقيط، تعد ترجمة فعلية واقعية للدبلوماسية الجزائرية في شقها الروحي الوجداني، الدبلوماسية التي تولي إهتمامها في الآونة الأخيرة للبعد الإفريقي، ضمن توجّه جديد يواكب المتغيرات الإقليمية والدولية في المنطقة، وفق تصوّرات جديدة تعزّز دور الجزائر الإقليمي، حيث برزت ملامحها من خلال خطابات، ورؤية ومقاربة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإعتبار أن إفريقيا أضحت تمثل خيارا استراتيجيا للجزائر، خاصة على المستوى الاقتصادي، من منطلق أن قوة الدول تقاس بقوة اقتصادها، فضلا أن استعادة الجزائر لثقلها الدبلوماسي والإقليمي في القارة السمراء تعد من الالتزامات 54 التي تضمنها البرنامج الانتخابي، لرئيس الجمهورية، ما دفع بعديد الدول الإفريقية لتقديم طلبات للجزائر لتحريك آلتها الدبلوماسية في حل النزاعات الداخلية والخارجية على المستوى القاري.

هذا وبشهادة عدد من المشايخ والوجهاء والأعيان، إضافة إلى الشخصيات الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وممثلي البعثات الدبلوماسية لعدد من الدول الشقيقة والصديقة المعتمدة في البلد الشقيق، فقد كانت زيارة الشيخ مولاي عبد الله تشريفا للجزائر، لها دور محوري لما تحمله الزيارة وفي هذا الوقت الاستثنائي، من مواقف مشرّفة، من منطلق أن الجزائر مصيرها إفريقي وامتدادها إفريقي، ولمّ شمل إفريقيا لا يكون إلا بمساعي الدول الإفريقية.

حاء/ ع