تشهد محلات ومراكز بيع خزانات المياه والبراميل البلاستيكية والمضخات إقبالا كبيرا وغير مسبوق من العاصميين، خلال الفترة الأخيرة، بفعل دخول البرنامج الاستعجالي لتوزيع المياه لشركة “سيال” حيز التنفيذ، ما أدى إلى انتعاش صناعة وتجارة هذه التجهيزات وارتفاع أسعارها في وقت قياسي.
اتجهت العائلات الجزائرية، إلى اقتناء خزانات مياه بأحجام مختلفة، رغم أن الانقطاعات المسجلة تم ضبطها في جل البلديات بمعدل يوم بيوم، غير أن الحاجة إلى استخدام المياه تزداد، خاصة في فصل الصيف، بالنظر إلى زيادة فترات الاستحمام وتنظيف الجسم، الذي يؤدي إلى الرفع من معدل استهلاك المياه وفرض حتمية اقتناء الخزانات، لتلبية الطلب الكبير.
السلع تنفذ في يوم عرضها
أجمع التجار عبر العديد من بلديات العاصمة، على أن الطلب على خزانات المياه البلاستيكية _ارتفع بشكل ملفت للعيان خلال الأيام الأخيرة_، وأنه _يتم استنفاذ السلع المعروضة في نفس اليوم الذي يتم اقتناؤها فيه_، ما يجبرهم على التزود بالمنتوج من محلات الجملة يوميا لاقتناء الخزانات والمضخات ولواحقها التي كثر الطلب عليها في ظل شح المياه وحرارة فصل الصيف.
فرص مالية
وصرح عثمان، صاحب محل خردوات قائلا: “أعمل في الخردوات منذ سنوات، لم أفكر في تجارة الصهاريج أو خزانات المياه، إلا أن ازدهار هذه التجارة مؤخرا دفعني لاقتحامها”.
وتابع: _أنا متفائل بمستقبل هذا النشاط في حال بقيت الوضعية على ما هي عليه_، مضيفا _سوقت 20 خزانا بجميع مستلزماته خلال أسبوع واحد…أسوق يوميا كل المنتوج الذي أقتنيه من سوق الحميز من خزانات ومضخات ولواحقها والطلب في ارتفاع متزايد وكذلك الأسعار على مستوى سوق الجملة والتجزئة”.
ويتراوح السعر الاجمالي لاقتناء خزان ومضخة وجميع اللوازم الضرورية بين 30 ألف دج و50 ألف دج، علما أن سعة الصهريج وقوة المضخة هما من يحددان السعر النهائي، يضاف الى هذا أجرة اليد العاملة التي تتراوح بدورها ما بين 6 آلاف دج و15 ألف دج، حسب المسافة التي تربط بين أنبوب الماء ومكان تثبيت الصهريج، يضيف تاجر الخردوات.
أسعار مجنونة..
سعر الخزان ارتفع في المتوسط بحوالي 5.000 دج إلى 10.000 دج في ظرف وجيز، حسب أحد التجار الذي أوضح أن سعر صهريج بسعة 300 لتر يتوفر على سمك ثلاث طبقات بلغ 9500 دج وأن صهريجا بسعة 500 لتر يباع بأكثر من 11.000 دج. ويصل سعر خزان مياه بسعة 800 لتر إلى 14.000 دج في حين يقدر سعر خزان بـ1000 لتر بـ15.000 دج.
وأرجع أحد تجار الجملة بسوق الحميز هذا الارتفاع في الأسعار الى نقص المادة الأولية (البلاستيك). وصرح بهذا الصدد: _كنا نشتري الكلغ الواحد من البلاستيك بـ20 دج وأصبحنا نقتنيه بـ40 دج.. وحتى أسعار النقل والشحن شهدت ارتفاعا كبيرا”.
وإلى جانب الخزانات البلاستيكية، يسجل السوق وفرة وجودة في خزانات المياه الحديدية بكل أنواعها وأحجامها، لكن ثمنها يبقى أعلى من نظيرتها المصنوعة من البلاستيك.
إقبال كبير..
ويقول محمد، مشرف على محل “لم أشهد منذ بداية عملي في هذا النشاط اقبالا على خزانات المياه البلاستيكية مثل الذي نحن عليه اليوم، ما أرغمنا على رفع اليد العاملة ورفع كمية المنتوج مع تنوعه، إرضاء للزبون”.
وأوضح أن المنتوج المتوفر بالسوق محلي الصنع، يحمل علامة _الصومام_ و_الهضاب_، ويتم اقتنائه من معمل البلاستيك بولاية سطيف من طرف تجار الجملة بسوق الحميز ليتم توزيعه بعدها على مختلف تجار التجزئة بالعاصمة.
ولاحظت “واج” أن جل المحلات التي تنشط في هذا المجال توفر المنتوج ولوازمه إضافة إلى عمال مؤهلين في مجال السباكة لضمان عملية التركيب، الى جانب خدمة النقل بمقابل وأحيانا مجانا.
وبهذا الشأن يقول فضيل، بائع لخزانات المياه، _منذ تسجيل التذبذب في توزيع المياه، قمنا بتنظيم أنفسنا وعملنا على رفع عدد العمال لنوفر المنتوج وخدمة التركيب والتوصيل للزبون”.
60 ألف دينار فما فوق..
وحول السعر الإجمالي لاقتناء صهريج ومضخة إضافة الى خدمة التركيب، يفيد فضيل أنه يتراوح بين 45 ألف دج و60 ألف دج فما فوق، وذلك حسب حجم وسعة الخزان وكذا قوة المضخة والمدة اللازمة للتركيب.
أما بائع في محل ببلدية تقصراين، فذكر بدوره أن السوق تشهد حركية استثنائية واقبالا غير مسبوق للتجار على اقتناء خزانات المياه، لتوفير هذه المادة في الأوقات التي تعجز الحنفيات عن توفيرها، بعد الشروع في تطبيق البرنامج الاستعجالي لتوزيع المياه بالعاصمة والذي يبدو أنه _لم يتم التحكم فيه بالشكل اللازم خلال الأيام الأولى من تطبيقه_، حسب شهادات العديد من المستهلكين.
وفي نفس المحل، حرص أحد الزبائن على تقديم شهادته قائلا: _أقطن بعمارة من خمسة طوابق وشقتي تقع في الطابق الرابع.. لم تصلني المياه لمدة يومين بسبب ضعف قوة التدفق وهذا ما يرغمني على تركيب خزان في أسرع وقت”.
واعتبر المواطنون أن اقتناء هذه التجهيزات، رغم أسعارها المرتفعة نسبيا، أصبح “حتمية” يمليها الظرف الاستثنائي الذي يعرفه توزيع المياه بالعاصمة على غرار باقي ولايات الوطن، فيما يذهب البعض الآخر إلى تفضيل الاكتفاء باقتناء براميل تخزين المياه بسبب صغر مساحة سكناتهم.
دعوة إلى ترشيد الاستهلاك
دعا، في هذا الصدد، رئيس جمعية “الأمان” لحماية المستهلك، حسان منوار، إلى النظر إليها من الجانب الإيجابي، بدعوة المواطنين إلى التكيف مع الأوضاع، وتعلم ثقافة ترشيد الاستهلاك في المياه، خاصة أن فصل الصيف يسجل كل سنة، ارتفاعا كبيرا في استهلاك المياه التي توجه في الغالب للاستحمام، موضحا “أن المستهلك بحاجة، انطلاقا من هذه الصائفة، إلى دراسة حجم استهلاكه للمياه وترشيدها”.
حسب رئيس الجمعية “فإن الاستهلاك اليومي للفرد يتراوح بين 80 و100 لتر، بالتالي إذا كانت العائلة تتكون من خمسة أفراد، يفترض ألا يزيد معدل استهلاك المياه عن 500 لتر خلال 24 ساعة”، لافتا “إلى أن مكان الإقامة يلعب دورا هاما في تحديد حاجة المواطن للمياه”، فإن كان، يقول: “يقيم بعمارة، فإن خزان المياه الذي يحتاج إليه، لا يتجاوز 300 لتر، يكفي عائلة مكونة من خمسة أفراد، خاصة إذا علمنا أن الانقطاع المسجل يكون بمعدل يوم بيوم”.
من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن المواطن لابد عليه عند اقتناء الخزانات، خاصة بالنسبة لغير المتعودين عليها، بسبب أزمة الانقطاعات المسجلة التي مست عددا كبيرا من بلديات العاصمة، أن يتم مراعاة عدد من الشروط التي تضمن سلامتهم وصحتهم، وحسبه، فإن كانت العمارة حديثة، يمكنه أن يضع الخزان في الشرفة، أما إن كانت العمارة قديمة، فلابد من وضعه في الطابق الأرضي، واستعمال المضخة لتجنب حدوث بعض المخاطر.
من جملة ما ينبغي للمستهلك أن يكون على دراية به، خاصة مع الإقبال الكبير والعشوائي على اقتناء الخزانات، تجنب تلك المصنوعة من مادة الفولاذ غير الصحي، والتوجه نحو الخزانات المصنوعة من مادة البلاستيك، والتي تتكون من ثلاث طبقات، وعادة ما ينصح باستعمالها، لأن الطبقة الثالثة غذائية، تضمن الحفاظ على سلامة المياه وصحة المستهلك، داعيا في السياق ذاته، إلى ضرورة التواصل مع المختصين في تركيب الخزانات، الذين تكون لديهم دراية واسعة حول كل ما يتعلق بتركيب الخزانات بطريقة تحافظ على صحة وسلامة المستهلك.
انقطاع المياه رفع سعر الخزانات بنسبة 50 بالمائة
من جهته، يرى حاج طاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، بأن أزمة الانقطاعات المتكررة للمياه، التي تشهدها العاصمة منذ بداية الصيف، نتج عنها ارتفاع في الطلب على الخزانات المائية، وبحكم أن هذا النوع من الأنشطة التجارية غير مقنن، فإنه يخضع لقانون العرض والطلب، وحسبه، “فإن الطلب زاد على الخزانات بمختلف أحجامها، وأن سعرها ارتفع بنسبة مائة بالمائة، ونسبة الزيادة في الخزان قدرت بحوالي 50 بالمائة، مؤكدا “أن هذه الزيادة جاءت في وقتها، لأن هذا النوع من لأنشطة عرف ركودا خلال فترة الجائحة، كما أنه نشاط يتطلب تكاليف كبيرة، كالتخزين والنقل”.
من جهة أخرى، أوضح بولنوار “أن الطلب على الخزانات لم ينحصر على المواطن للاستهلاك المنزلي، بل مس الفلاحين ومربي الحيوانات، وحسبه، فإن الانشغال الكبير الذي ينتظر أن يطرح على الحكومة الجديدة، التي ينتظر منها أن تجد حلولا استعجالية لأزمة المياه، خاصة أن الاضطراب في التزود بالمياه الصالحة للشرب بدأ مع حلول الصيف، وليس مع نهايته، الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول عاجلة، لاسيما أن هذه الأزمة ستمس بشكل كبير، مربي الحيوانات والأراضي الفلاحية”.
ق.م