وضعتْ ريمُ ورقة بيضاءَ على طاولتها وراحتْ ترسم عصفورا صغيرا له منقار دقيق وجناحان ملوّنان، وأخذت تزيّنه ما استطاعت، حتى لم يعد لديها ما تضيفه. لقد رسمته كما طلبتْ منها المعلمة، لكنها لم تشعرْ بالرضا التّام، إذْ أنّ شيئا ما ينقص رسْمها.
فكرتْ ريم مليّا وخطر لها في آخر الأمر أن ترسم شجرة خضراء ليحطّ عليها عصفورها الصّغير. ودون تردد انكبّتْ ريم على تنفيذ فكرتها إلى أن فرغتْ منها تماما.
راحتْ ريمُ تتأمّل رسمَها وتُدقّق في تفاصيله حتى اكتشفتْ أنها مدفوعةٌ لرسْم نافذة تكونُ قريبة من الشّجرة الخضراء التي يحطّ عليها العصفور الصّغير. فعلتْ ريم ذلك بإتقان شديد ولم يبقَ لها إلا أن ترسم المنزل ليتحقّق المنظرُ كاملا.
بعد دقائق كان كل شيء على ما يرام؛ منزل به نافذة، والنافذة تطلّ على شجرة، والشجرة يحطّ عليها العصفور الصّغير. تساءلت ريم في سرّها وهي تتفحّص رسْمها من جديد: ما معنى أن يغرّد عصفورٌ ولا يسمعه أحد..؟ وهكذا أرادتْ أن تضيفَ شيئا يجعل النّاظر إلى الصّورة يشعر بوجود أشخاص داخل المنزل ينعمون بدفء الحياة ويتذوّقون جمالها.
بعد تفكير عميق اهتدت ريم إلى الحل. لقد رسمت مدخنةً على سطح المنزل ينطلق منها الدّخان بعيدا، بعيدا في سماء زرقاء شاسعة.
رقص قلب ريم فرحا وهي ترى ثمرة عملَها المتقن.
في صباح الغد عرضت ريمُ رسْمها على معلمتها وكلها ثقة واقْتناع بما توصلت إليه بعد جهد كبير وعناء طويل.
قالت لها المعلمة:
– أحسنتِ يا ريم، لكني طلبت منك أن ترسمي عصفورا جميلا فقط.
أجابت ريم قائلة:
– لقد طلبت يا سيدتي أن أرسم عصفورا جميلا. ولكي أرسم العصفور الجميل جعلتُه يحطّ على شجرة خضراء جميلة، ويغني حتى يسمعه أصحاب هذا المنزل.
وأشارتْ بسبابتها إلى المنزل الذي رسمته.
بقلم: علي مغازي\ الدوسن بسكرة