كان للرياضة دور كبير في توعية الشعب الجزائري أثناء كفاحه المسلح ضد المستعمر الفرنسي، الذي لم يفرق بين كل شرائح أمتنا في محاولاته اليائسة لإخماد رغبتها في نيل الحرية مهما كلفها الثمن.
ومن الدروس الكبيرة التي لقنها الرياضيون الجزائريون للمستعمر الفرنسي في تلك الفترة، توقفهم عن النشاط تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني، مؤكدين أنهم منصهرون في تطلعات شعبهم الآبي، حيث كانت أغلبية النوادي الجزائرية منبعا للوطنية مثلما أكدتها القوة التي كان يظهرها رياضيوها كلما واجهوا نظراءهم في نوادي المستعمر.
وقد تسابق الرياضيون للالتحاق بصفوف الثوار، فتدعمت جبهة وجيش التحرير الوطني بكفاءات شبانية تتمتع بروح انضباطية عالية وغيرة وطنية، وأثبتت ولاءها وإخلاصها للوطن بعد تبنيها لمبادئ الثورة التي وجدتهم من أخيار المناضلين الواعين المشبعين بالروح الوطنية، حيث ضحوا بإخلاص وتفانٍ في الجبال والمدن.
ولم تكن النوادي الجزائرية بمنأى عن مراقبة شرطة المستعمر التي شددت المراقبة على نشاطاتها وضيقت الخناق على بعض رياضييها، سيما الذين اختاروا الكفاح السري لصالح الثورة، حيث وقع الكثير منهم في قبضة المستعمر على غرار ما حدث لملاكم اتحاد البليدة حمود دايدي الذي اضطر إلى اختراق حاجز أمنى خوفا من انكشاف أمره، لا سيما أن سيارته كانت معبأة بالسلاح، فتعرض لإصابات خطيرة وتوفي في المستشفى الذي نقله إليه المستعمر.
زميله من نفس النادي براهم براكني الذي كان يمارس كرة القدم، التحق بصفوف المجاهدين في الجبال ولقي حتفه في إحدى المعارك ضد الجيش الفرنسي، وكان الأمر كذلك للرياضي الشهيد زوراغي من نفس النادي.
وكان للمسيرين الرياضيين أيضا دورا كبيرا في مساعدة الثورة على سبيل ما فعله الشهيد محمد زيوي الذي كان من مؤسسي نادي نصر حسين داي واتحاد العمال الجزائريين، حيث استشهد أثناء مشاركته في معركة ضد المستعمر في ضواحي مدينة سطيف.
ومن أبرز قادة الثورة الجزائرية الذين كانوا في المجال الرياضي قبل التحاقهم بالكفاح المسلح، نذكر الشهيدين الكبيرين ديدوش مراد وسويداني بوجمعة، الأول كان رياضيا في الجمباز وأسس نادي “الراما” الذي ما زال يزاول نشاطه إلى اليوم، في حين أن الثاني كان لاعبا في صفوف فريق ترجي قالمة الشهير.
وكتبت الرياضة الجزائرية في الحقبة الاستعمارية صفحات خالدة من التضحية والنضال بتقديمها لقوافل من الشهداء لا يتسع ذكر أسمائهم كلهم في هذا المقام.
ولم يقتصر النضال الرياضي أثناء الثورة التحريرية على التراب الوطني، بل تعدى حدوده، وبرز ذلك من خلال إنشاء فريق جيش التحرير الوطني في 1957 بتونس والذي كان مشكلا من لاعبين كانوا ينشطون في البطولة التونسية أمثال زرار، سلامي، علي دودو واللاعب السابق لاتحاد الجزائر ربيح كريمو وآخرون كانوا ضمن جيش التحرير.
وكُلف هذا الفريق بإسماع صوت الثورة الجزائرية في دورة قادته إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث أجرى عدة مباريات مع الفرق المحلية، ومن ثم جاءت فكرة إنشاء فريق جزائري متكون من المحترفين الذين كانوا ينشطون في البطولة الفرنسية، حيث أذهل هروب رفاق رشيد مخلوفي من تراب بلد المستعمر العالم كله، سيما وأن البعض منهم كانوا من أبرز اللاعبين وعلى عتبة الشهرة العالمية.
ب/ ص


