الجزائر- أجمع محللون ومتتبعون للشأن السياسي بالجزائر بأن حكومة الوزير الأول عبد المجيد تبون الجديدة سوف تنجح في توجهاتها بالرغم من الرهان الاقتصادي الصعب الذي تواجهه البلاد وذلك بفضل كسب ثقة
المجتمع والشعب وعبر تصحيح أخطاء الحكومة السابقة.
قلل المحللون والمتتبعون في تصريح لـ “الموعد اليومي” من حدة المناورات التي يقوم بها رجال المال الذين يحاولون عبثا (التغول) على الدولة في مواجهة الحكومة وقرارتها الحاسمة التي لم ترق للكثير منهم بسبب مصالحهم وحساباتهم الضيقة.
ويعتقد محدثونا بأن الوزير الأول عبد المجيد تبون كان واضحا منذ البداية حينما أراد أن يمرر رسالة مفادها أن على الجميع أن يعرف موقعه وحجمه في إشارة واضحة وضمنية لفصل (كارتل) المال الذي تغول في دواليب الحكم على السياسة، داعيا في هذا الإطار بالذات الحكومة الجديدة إلى أن تركز على الشفافية والحكم الراشد ومراقبة القرارات وتنقل رؤوس الاموال والفصل بين المناصب المالية والسياسية ..
تضامن سيدي السعيد مع أرباب المال سيؤدي إلى تصدع بيته
أكد كاهي مبروك الباحث والأستاذ الجامعي بجامعة قاصدي مرباح ورڤلة بأن الوزير الأول عبد المجيد تبون يريد بكل قوة تصحيح مسار أداءات الحكومة وإبرازها للشعب الجزائري على أن جهازها التنفيذي هو من يقود المجتمع وليس أرباب العمل ورجال المال، وفي الوقت نفسه يريد تمرير رسالة مباشرة مفادها على الجميع أن يعرف موقعه وحجمه في إشارة واضحة وضمنية لفصل كارتل المال الذي تغول في دواليب الحكم.
ويرى كاهي مبروك في تصريح لـ “الموعد اليومي” بأن خلفيات اجتماع الاتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي منظمات أرباب العمل بالجزائر بفندق الاوراسي والذي توج ببيان ختامي نددوا فيه بطريقة تعامل الوزير الأول عبد المجيد تبون مع علي حداد، يمكن قراءته من عدة زوايا أبرزها تأكيد رابط الشراكة الذي يجمع الباترونا مع النقابة والذي تعزز منذ 2008 فيما يعرف بالثلاثية لكنها -يضيف – في حقيقة الأمر ثنائية الباترونا والنقابة في مواجهة الحكومة، فضلا على أن الاجتماع -وهي الزاوية الثانية التي يمكن من خلالها قراءة ما يجري- خطوة نحو المحافظة على المكاسب في ظل توجهات الحكومة الجديدة المخالفة تماما لحكومة عبد المالك سلال.
وأوضح المتحدث بأن الجميع كان وما يزال يعلم بأن أرباب المال قوتهم تستمد من الحكومة، غير أن هؤلاء يحاولون الخروج عنها “ضمن ما بات يعرف بتغول رجال المال على الحكومة”، مشيرا إلى أن الخروج هنا يعني الضغط وليس الخروج بشكل نهائي، خصوصا وأن الحكومة ساهمت كثيرا في صناعتهم وهي من تملك القدرة على الاطاحة بهم سيما مع التدخلات الحاسمة للوزير الاول عبد المجيد تبون الاخيرة.
ويعتقد المتحدث بأن أمر الإطاحة ليس سهلا لكنه ليس مستحيلا، فالحكومة روضت رجال أعمال سابقين وأثبتت أنها قوية وقادرة، مشيرا بأن الوزير الاول عبد المجيد تبون لا يتصرف من تلقاء نفسه فهو في كل ما يجري ينفذ مطالب مؤسسة الرئاسة وهي واضحة : الضوء الأخضر كان بإبعاد بوشوارب وتجميد عديد قرارات الحكومة السابقة، مضيفا أن قرارات تبون تحتاج إلى وقت للحكم عليها وعلى مدى جديتها والاتجاه الذي تسير فيه.
أما عن خطوة الامين العام للمركزية النقابية الذي (هرول) في خندق رجال المال والأعمال ولم يتخندق مع الحكومة، فأكد المتحدث بأن هذا الأخير تصرف من كونه شريكا لأرباب العمال وتصرف من باب التضامن لا أكثر، لكن تضامنه قد يؤدي إلى تصدع بيته في الأخير.
وشدد محدثنا على أنه في حال خروج رسالة من الرئاسة تدعم توجهات تبون، فأكيد أن الأمين العام لنقابة العمال سيجد نفسه مجبرا على إنهاء حياته المهنية خصوصا مع نظام سياسي لا يربط استمراره ووجوده بآخرين وبالتالي سوف يختفي حداد تدريجيا.
لا نستغرب محاولة رجال المال تأمين مصالحهم بمختلف الطرق
أكد يحيى بوزيدي الاستاذ المساعد بكلية الحقوق والعلوم السياسية جيلالي اليابس بسيدي بعلباس، أن أول تحد لحكومة الوزير الاول عبد المجيد تبون هو الخروج من الأزمة الاقتصادية وهو ما يحتاج إلى استراتيجية متوسطة وقريبة المدى، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تصاغ دون تسوية المشكلات السياسية للبلاد وتأسيسا على ذلك لا يمكن رفع سقف التوقعات مما يقوم به الوزير تبون وإن كان من حيث المبدأ في الاتجاه الصحيح.
يعتقد الاستاذ يحيى بوزيدي بأنه يصعب كثيرا الحكم على التوجه الجديد لحكومة تبون ما إذا كان ما تقوم به مجرد مناورة سياسية لا ترتقي إلى مستوى التغيير الفعلي، وهذا التحليل يربطه البعض بالسنوات العجاف التي تمر بها خزينة الدولة عقب تراجع أسعار البترول والتي يبدو أنها ستستمر في المدى القريب والمتوسط ما يدفع إلى إجراءات تقشفية تحتاج إلى غطاء سياسي يبررها، ولكن من جهة أخرى -يضيف الاستاذ – عكس الوزير تبون قدرا من الجدية في عمله في وزارة السكن، وكشفت التعديلات أن الوزير الأول السابق كان يعيق مشروعه حيث سرعان ما حسم في قرار تمويل مشاريع السكن وإعطائها حركية جديدة.
ويشرح الأستاذ في تحليله لـ “الموعد اليومي” أن تعبير رجال المال (محاولة تغول رجال المال على الدولة ) هو المناسب لهذه الفئة في الحالة الجزائرية، لأنه من الصعب الحديث عن رجال أعمال وفق المقاييس العالمية، مضيفا بأنه عموما هذه الفئة تصنف ضمن جماعات الضغط التي تسعى دائما لتوجيه القرار السياسي بما يخدم مصالحها، لذلك فإن محاولتهم -يضيف -التدخل في صناعة القرار ليس غريبا من الناحية العلمية، فهذا حال كل الدول غير أن طبيعة نشأة رجال المال في الجزائر والتي جاءت جلها نتيجة امتيازات منحت لهم من داخل السلطة هي التي تثير الجدل وبالتالي لا يستغرب محاولتهم تأمين مصالحهم بمختلف الطرق إذا ما وجدوا توجها من السلطة السياسية يستهدفها.