عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإيمان بِضْعٌ وسبعون شعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” أخرجه مسلم. وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ” هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ” الفتح: 4، قال: “إن الله بعث محمدًا بشهادة أنْ لا إله إلا الله، فلما صدَّقَ بها المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدَّقوا بها زادهم الصيام، فلما صدقوا به زادهم الزكاة، فلما صدقوا بها زادهم الحج، فلما صدقوا به زادهم الجهاد، ثم أكمل لهم دينهم فقال: ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ” المائدة: 3.
ولما كانت الأعمال والأقوال داخلة في مسمى الإيمان، كان الإيمان قابلاً للزيادة والنقص، فهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة، وكما هو ظَاهِرٌ مُشَاهَدٌ من تفاوت المؤمنين في عقائدهم وأعمال قلوبهم وأعمال جوارحهم. قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأصل الإيمان في القلب، وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلا بد أن يظهر مُوجِبُه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه؛ ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجِب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديقٌ لِمَا في القلب.
ومن الأدلة على زيادة الإيمان ونقصه أن الله قسم المؤمنين ثلاث طبقات، فقال سبحانه: ” ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ” فاطر: 32. فالسابقون بالخيرات هم الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وهؤلاء هم المقرَّبُون، والمقتصِدون هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وتَرْك المحرمات، والظالمون لأنفسهم هم الذين اجترؤوا على بعض المحرمات، وقصَّروا ببعض الواجبات، مع بقاء أصل الإيمان معهم