صدر حديثا عن مشروع كلمة للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي ترجمة رواية “كانوا بشراً فحسب” للكاتب الفرنسي لوران موفينييه، ونقلتها إلى اللغة العربية سيلفانا الخوري، ومراجعة كاظم جهاد، والتي تدور حول مأساة عشرات الآلاف من الفتية الفرنسيين أُرسلوا للمشاركة في حرب الجزائر في 1960م، وعادوا منها بعد سنتين، أسكتوا في داخلهم صوت الذكريات وسعَوا إلى عيش حياتهم، لكن تكفي أحياناً مناسبة بسيطة، حفل عيدِ ميلاد في الشتاء أو هدية تستقر في عمق الجيب، لينبعث الماضي بعد أربعين عاماً في حياة من حسبوا أنّهم أفلحوا في نسيانه. هي أيضاً مأساة الجزائريّين، وكارثة الاستعمار المدوية، وأذى الحروب.
بنى موفينييه عمله هذا بناءً سيمفونياً فجعله يستغرق أربعاً وعشرين ساعة تتفتق فيها الرواية عن فصول أليمة، بعيدة العهد وقريبة، فما بين زمنين يسرد مأساة برنار الذي يبدو وكأنه همّش نفسه باختيار غير واع قبل أن يأتي الآخرون ليزيدوه تهميشاً، كان قد عاد إلى بلدته الصغيرة بعد خوضه في باريس، في أعقاب الحرب، تجارب يبدو أنها كانت عاثرة ظل يسدل عليها ستار الصمت.
لكن شجاراً يدور بينه وبين عائلته وانهياره المعنوي المتسارع جعلاه يذهب ليعتدي على عائلة جزائرية مهاجرة تقيم في الجوار. ووسط الأحكام المتضاربة التي يطلقها عليه محيطه الاجتماعي إثر هذا الحادث، ينتبه السارد الرئيس في الرواية -وهو ابن عمه الذي شاركه مغامرة حرب الجزائر- في ومضةٍ باهرة من الوعي أن هذا الانحدار كله كان مبعثه تلك الحرب وما شاهدوه هما ورفاقهما من فظائع تجد ذروتها في مشهد رهيب كانا هما غائبين عنه.
ولد مؤلف الرواية، لوران موفينييه، في مدينة تورTours الفرنسية في 1967، وحصل في 1991 على شهادة تخصص في الفنون التشكيلية، صدرت روايته الأولى “بعيداً عنهم” في 1999 في منشورات مينوى التي صارت الناشر الرئيس لأعماله، طبعت له حتى الآن ثلاث عشرة رواية نال عنها عدة جوائز مرموقة، من أهمها روايته “في الحشد” التي استوحى فيها مأساة ملعب هيسيل لكرة القدم في بلجيكا.
أما مترجمة الكتاب، سيلفانا الخوري، فهي ناقدة ومترجمة من مواليد لبنان 1982، حاصلة على شهادة دكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة باريس الثالثة- السوربون الجديدة. من ترجماتها رواية “بلا عائلة” لهكتور مالو والمجموعة القصصيّة “صديقان وقصص أخرى” لغي دو موباسان، اللتان صدرتا عن مشروع “كلمة” للترجمة.
ب/ص