رواية “رائحة الحب”… عايدة خلدون تستلهم عوالم البدو

elmaouid

تعود الكاتبة الجزائرية عايدة خلدون إلى المشهد الأدبي برواية “رائحة الحب” لتحكي عوالم البدو والحب والخطيئة وتقدم تفاصيل من الحياة البدوية الجزائرية وصدمة المدينة عبر سرد مكثف ومشحون.

وتقع رواية الكاتبة الصادرة عن منشورات ميم مؤخرا في 118 صفحة، ولكن حجمها يصبح كبيرا حين يكون الرهان فضاء خاويا كالبادية، والحكاية مقتصرة على بضع أشخاص تقودهم الفتاة عويشة التي تجعلنا نكتشف معها حالات حميمية.

وتقسم عايدة خلدون فضاءها الروائي إلى جزءين واحد في بادية صحراوية والآخر في المدينة، وتنتقل بنصف شخصياتها القليلة إلى المدينة لتصبح بصدد معالجة مأزق سوسيولوجي عاشته الجزائر في مراحل مختلفة.

وليس في رواية عايدة خلدون حكاية تتعقد وتفك بشكل واضح، فبطلتها عويشة تناور أسئلة وجودية في صحرائها وهي ترعى ماعزها، وتتحول أسئلتها من جسدها الذي ينضج إلى محيطها الذي يتوتر في كل مرة والعكس.

وتبدو الرواية أقرب إلى نقل جزء من سيرة قلب امرأة وما جاوره، المرأة هي الفتاة “عويشة” وما جاور قلبها الذي يخفق للحياة هي العجوز عوالي والعاشقة قمرة والوالد والأم وزوجة الوالد.    

وترتبط عويشة بعلاقة قوية مع قمرة فتاة الخطيئة التي تحمل من أهم فتى في باديتهم ثم تجهض بأسلوب تقليدي باستخدام الحدج، وتنتقل قمرة إلى المدينة قبلها فتصفها بأنها “تجهض في كل ركن”.

وتقدم عايدة موازنة مقصودة بين مصير قمرة وعويشة، حيث تجعل الأخيرة تنتهي إلى المدينة وحيدة وتعمل كدليل لفتاة كفيفة هي “حنة”، بعد أن فشلت في رعي معزاتها في شوارع المدينة ولم تتحمل سخرية الفتيان، ثم إن والدها باع الماعز واقتنى لها ألبسة عصرية لم تعهدها.

وفي المدينة تقول عويشة لقمرة “قصي ضفائري لا أريد أن أشبه أمي” وهي لحظة انفصال الفتاة عن بداوتها واستسلامها للحظة المدينة، بينما يواصل والدها الانحناء عند الباب معتقدا أنه يدخل خيمته، عاجزا عن بلوغ لحظة الانفصال.    

وتفسر عايدة بهدوء الجزئيات التي تغلف الحياة البدوية، فتحول الماعز إلى كائن يشارك في الحياة وعصا الراعي (الراعية) أداة ذات روح وقيمة وصوت المطحنة إلى موسيقى قاسية، وتتبع الروائح وتمنحها صفات وتفسيرات على غرار رائحة الحب.

وعبر النص المشحون تضع الكاتبة معالم من الحياة بدءا من القهوة التقليدية إلى المنسج” مرورا بأدوات التجميل التي تضعها المرأة البدوية كالخزامى والسخاب والعنبر وغيرها.

ولكن الكاتبة بصدد المدينة لا تقدم تفسيرات موازية لما قدمته عن البادية، وتكتفي بتقديم الصدمة التي تواجهها أسرة عويشة النازحة، فتبدو كتابة عايدة أقرب إلى مواساة البطلة عويشة في حنينها إلى رائحة الحب والبادية.

ويوجد بعد رمزي كبير في نص “رائحة الحب”، فهي تتحدث عن العلم الذي يشكل قداسة لدى البدوي من خلال تقديسهم لشخصية سي عامر، وابنه الذي يعبث باسم ما تعلمه، فيصبح علمه طريقه للتفوق وابتذال الآخرين.

عايدة خلدون كاتبة جزائرية سبق أن صدرت لها رواية “وحده يعلم” قبل سنوات، وقد أثارت ضجة كبيرة في وقتها، لتغيب عن الساحة وتعود بروايتها المشاكسة “رائحة

الحب”.