لقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بما أعده الله لقارئ القرآن، من أجر كبير وثواب عظيم، وذلك بما رواه عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من قرأ حرفا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرم، وميم حرف ” قال تعالى : ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ” محمد: 24، فعلى الرغم من أنهم يقرءون ويسمعون، إلا أن الله عاب عليهم بهذه القراءة، أتدرون لماذا ؟ لأن الله أراد منهم أن يستشعروا هذه العظمة، وذلك الإجلال حين قراءته، لا حين التحدث عن فضائله.
وهذا لا يكون إلا بالتدبر، لهذا عاب عليهم وقال : ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ” محمد: 24، لم يكن التدبر في القديم درسا يسمع، ولا كتابا يقرأ، بقدر ما كان شعورا ينبض في قلوبهم. فقد أخبر ابن مسعود رضي الله عنه، كما ورد في صحيح مسلم عن الحالة التي ينتفع فيها القلب بالقرآن فيقول : ” إن أقواما يقرؤون القرآن، لا يتجاوز حناجرهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ” ومصداق ذلك قوله تعالى : ” وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ” التوبة: 125.
فالتدبر حال سماع القرآن وتلاوته، يزيد القلب نورا وإيمانا، قال جندب بن عبد الله رضي الله عنه : ” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا “.فمن قرأ بخشوع وخضوع، تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال تعالى : ” اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ” الزمر: 23، تلين أي ترق قلوبهم وتسكن، فالقرآن ربيع القلوب، كما أن الغيث ربيع الأرض.