أنوار من جامع الجزائر

رمضان.. موسم عظيم الشأن – الجزء الأول –

رمضان.. موسم عظيم الشأن – الجزء الأول –

روى ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما، عن سلمان، رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في آخر يوم من شعبان، فقال: “يا أيّها النّاس. قد أظلّكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة القدر، خير من ألف شهر. جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعا. من تقرّب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه. ومن أدّى فيه فريضة، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه. وهو شهر الصبر.                  والصبر ثوابه الجنة. وشهر المواساة. وشهر يزاد فيه الرزق. ومن فطّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار؛ وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيئا. قالوا يا رسول الله: ليس كلّنا يجد ما يفطّر به الصائم. قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: يعطي الله هذا الثواب لمن فطّر صائما على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء. ومن سقى صائما سقاه الله عزّ وجلّ من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتّى يدخل الجنّة. ومن خفّف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتق رقبته من النار، حتّى يدخل الجنّة. وهو شهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربّكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما. أمّا الخصلتان اللّتان ترضون بهما ربّكم، فشهادة أن لا إله إلّا الله، وتستغفرونه. وأمّا الخصلتان اللّتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنّة، وتعوذون به من النار”. في هذا الحديث الشّريف: بيّن لكم رسولُ الله، صلّى الله عليه وسلّم، فضل رمضان، وما فيه من الخيرات؛ وحثّكم على الاجتهاد فيه بصالح الأعمال، من فرائض ونوافل، وصلوات وصدقات؛ ومن بذل معروف وإحسان، وصبر على طاعة الله، وعمارة نهاره بالصيام، وإحياءِ ليله بالقيام، واجتهاد في الذكر والدعاء، وطلب لليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. لقد جعل الله أوقاتًا للعبادة، تضاعف فيها الحسنات أكثر من غيرها. ومن أفضل هذه المواسم “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان”. إنّه موسم عظيم الشأن؛ كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجتهد فيه أكثر ممّا يجتهد في غيره. بل كان يتفرّغ فيه من كثير من المشاغل؛ ويقبل على عبادة ربّه. وكان السلف الصالح يتفرّغون فيه للتقرّب إلى الله بالأعمال الصالحة، ويجتهدون في عمارة أوقاته بالطاعات. وكانوا يجلسون في المساجد، ويقولون: نحفظ صيامنا، ولا نغتاب أحدا. وكانوا يحرصون على صلاة التراويح، ولا ينصرفون منها حتّى ينصرف الإمام؛ عملا بقول النبيّ، عليه الصّلاة والسّلام: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”. وقوله صلّى الله عليه وسلّم: “من قام مع الإمام حتّى ينصرف كُتب له قيام ليلة”.

 

الجزء الأول من خطبة الجمعة من  جامع الجزائر