رمضان استثنائي وشهر لن يمحى من الذاكرة.. تحضيرات محتشمة زمن الأزمة__ ”الجزائريون على موعد مع ليلة الشك هذه الأمسية”

رمضان استثنائي وشهر لن يمحى من الذاكرة.. تحضيرات محتشمة زمن الأزمة__ ”الجزائريون على موعد مع ليلة الشك هذه الأمسية”

يبدو أن شهر رمضان لهذا العام لن يكون مثل الأعوام السابقة، وسط الأزمة التي يعيشها العالم بسبب فيروس كورونا، ولن يمحى من ذاكرة المسلمين ولا صفحات التاريخ.

ويستعد الجزائريون لاستقبال الشهر الكريم غدا أو بعد غد، وسط أجواء غير مسبوقة، يخفف من وطأتها اللجوء إلى تكثيف العبادات والدعاء إلى الله بزوال الجائحة والمرض.

فمن إلغاء ولائم الإفطار مع العائلة و السهرات خارج المنازل إلى تعليق الصلاة في المساجد، إجراءات صارمة فرضتها الحكومة للحد من انتشار الفيروس القاتل، حيث ربح فيروس كورونا هذه السنة “المعركة” ضد عادات واستعدادات الجزائريين لهذا الشهر الفضيل.

فبدت أسواق عديدة خاوية على عروشها، وهي التي تكون عامرة في هذه الأيام من كل عام، حيث ينعدم الإقبال على اقتناء ملابس العيد، بسبب إغلاق عدد كبير من محلات بيعها، وتوارى الإعلان عن موائد الرحمن لإفطار الصائمين، وانخفض شغف المواطنين لمشاهدة جديد الدراما والبرامج التلفزيونية.

ويهتم الجزائريون كثيرًا بشهر رمضان، فقبل انطلاقه بأيام ينظفون المساجد، ويحضرون المأكولات الخاصة به، وترتفع وتيرة صلة الرحم، إلا أن الحجر الصحي حرمهم من تلك العادات والاستعدادات.

أسواق بلا روح

رغم استمرار فتح الأسواق الخاصة بالخضروات والمنتجات الغذائية منذ إعلان حالة الطوارئ، إلا أن عددًا منها اختار التواري عن الأنظار، وهو ما ضيع على المواطنين فرصة أخرى من الفرح بقدوم شهر رمضان، حيث كانت الأسواق قبل هذه الجائحة، وفي مناسبات مثل رمضان، تعج بالمواطنين.

ويتداول الجزائريون على منصات التواصل الاجتماعية مقاطع فيديو حول كيفية تحضير المأكولات، وبات كل شيء افتراضيًا، من التهاني برمضان إلى إعداد المأكولات، وارتفعت وتيرة تواصل الأسر عبر الهواتف وتطبيقات التواصل الحديثة.

مساجد تحنّ لروادها

في رمضان يكثر إقبال الجزائريين، كغيرهم من الشعوب، على المساجد لأداء الصلوات الخمسة في جماعة.

وقبل انطلاق رمضان في السابق، كان الجزائريون يسارعون لتنظيف المساجد، وتشهد بعضها إصلاحات أو فرشا ودهانا جديدا للجدران، وهو ما غاب هذه السنة، لتئن المساجد وهي تنظر إلى مصلين أجبرتهم الجائحة على الصلاة في منازلهم.

طلاء الجدران لبعث الأمل

من جهة أخرى، رفع الكثير من شباب بعض أحياء العاصمة والبليدة شعار الاحتفاء بشهر رمضان، وعمدوا إلى تنظيف الشوارع وتزيينها للخروج من جو الكآبة التي نجمت عن انتشار الوباء، يقول الشاب فتحي، مضيفا: “رمضان يزور الجميع كل سنة، هناك من وجده العام الماضي، وهناك من يتخلّف عنه هذه السنة”.

هي عبارة مؤلمة يردّدها الجزائريون في وقت خطف وباء كورونا الكثير من الأحبة، غير أنهم رغم ذلك، يحاولون الاستعداد لاستقبال رمضان، بحلة مختلفة عن السنة الماضية، تجاوزا للألم والحزن والتطلّع لغدٍ أفضل.

صلاة التراويح في المنازل والسهرات الرمضانية مؤجلة إلى حين

واعتاد الجزائريون التلاحم والتضامن في شهر رمضان الكريم من خلال عادات يمارسونها كل شهر رمضان على غرار الاجتماع للموائد الرمضانية والإفطار الجماعي وصلاة الجماعة والتراويح، كلها ستؤجل هذه السنة إلى غاية اندثار وزوال هذا الوباء، حيث سيصوم ويفطر غالبية سكان الولايات سواء التي يبدأ الحجر المنزلي على الساعة الثالثة أو تلك التي يبدأ على السابعة على وقع هذا التغيير الجديد في سابقة هي الأولى من نوعها.

وستغيب في الأسبوع الأول من رمضان عادات تمارس على الصعيد الإجتماعي، حيث يعد رمضان فرصة لتلاقي الأسر والعائلات حول مائدة الإفطار في موعد واحد، بالإضافة الى السهرات التي تجمع العائلات مع الأحباب والجيران والأصدقاء، ويأمل الجزائريون قاطبة أن يزول هذا الوباء خلال الأسبوع الأول من رمضان بالنظر إلى خصوصية هذا الشهر الفضيل.

إلياس مرابط :”على المواطنين التعاون مع الجيش الأبيض من خلال التزام بيوتهم”

وفي السياق ذاته، أكد رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط، أن الأطباء والممرضين يعملون على قدم وساق للوصول إلى نتائج مرضية بالقضاء على الوباء وهو ما يجسد على أرض الواقع، ولاحظه الجزائريون في حالة التأهب والاستعداد والمواجهة لإنقاذ أرواح الجزائريين.

وأضاف مرابط: “يبقى فقط على المواطنين التعاون مع الجيش الأبيض ومساعدتهم من خلال التزام البيوت واحترام الإجراءات الوقائية لحصر الوباء والقضاء عليه نهائيا خاصة مع حلول الشهر الفضيل، معتبرا في الشأن ذاته “أن انخفاض عدد الوفيات والإصابات مؤشر إيجابي على أن الوضعية الوبائية في البلد متحكم فيها لكن يجب الحذر والحيطة”.

جلسة ليلة الشك.. التقليد الذي لا يزول

رغم الحسابات الفلكية وتوقع يوم بداية رمضان بمدة طويلة، إلا أن الجزائريين ينتظرون ليلة الشك وجلسة المشايخ لترقب هلال رمضان وإعلان بداية الشهر الفضيل ليس فقط لمعرفة أول أيام الشهر وإنما لما تحمله هذه الجلسة من عبق وروح كبرت مع كل جزائري، وسيجتمع المشايخ أمسية اليوم لتحري هلال رمضان، وهو الموعد الذي أعلنته وزارة الشؤون الدينية في بيانها.

لمياء.ب