فيما يستمر الصمت العربي

رقعة التضامن الفني الغربي مع فلسطين تتسع

رقعة التضامن الفني الغربي مع فلسطين تتسع

في الوقت الذي يواصل الكيان الصهيوني استخدام التجويع أداة حرب في تحدٍ سافر للمواثيق الدولية، تتعالى في الغرب أصوات فنية وثقافية وأكاديمية تطالب بردّ حازم، لتكشف عن مفارقة صارخة بين هذه اليقظة الأخلاقية الغربية وصمت عربي مستمر.

وفي هذا الصدد، فجّرت الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ لحظة مؤثرة في مهرجان روسكيلد الموسيقي بالدانمارك عندما صعدت إلى المسرح للتعبير عن دعمها لفلسطين. هذه الإيماءة البسيطة تلقفها كثير من الفنانين، أبرزهم المناضل اللبناني جورج عبد الله، الذي وصف ثونبرغ ومشاركتها بسفينة كسر حصار غزة، عقب خروجه بعد عقود من السجن الفرنسي ووصوله إلى بيروت، بأنها “نموذج يُحتذى به للشباب العربي”، في دلالة على عمق تأثير مثل هذه المبادرات الرمزية.

ولم تعد مواقف التضامن الفني تقتصر على مبادرات فردية، بل تحوّلت إلى مواقف جماعية تتبناها فرق وفنانون أعلنوا أن دعمهم لفلسطين ولقطاع غزة ليس “تسييساً للفن”، بل “واجب أخلاقي ضد الظلم وجرائم الحرب”.

في بريطانيا، شكّل ختام عرض أوبرا “التروفاتوري” للموسيقار فيردي في دار الأوبرا الملكية في لندن لحظة لافتة عندما رفع أحد الممثلين علم فلسطين على الخشبة. ورغم محاولة أحد الحضور انتزاع العلم، أصرّ الفنان على موقفه، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط الفنية. وكانت فرق موسيقية معروفة مثل “ماسيف أتاك” و”نيكاب” و”فونتينز دي سي” قد أعلنت رفضها للعدوان الصهيوني على غزة، كما دعت إلى التحرك بشكل واسع. وقالت “ماسيف أتاك” لصحيفة “ذا غارديان” أخيراً: “نشهد إبادة جماعية تُبثّ يومياً، ولا يمكننا الصمت. هذه دعوة إلى كل الفنانين: لا تخافوا على وظائفكم، بل قفوا على الجانب الصحيح من التاريخ”. أما الموسيقي البريطاني براين إينو، فقد شارك في مهرجان روسكيلد الدانماركي هذا العام بفتح منصته لعدد من الناشطين المؤيدين لفلسطين، في خطوة جريئة تعرضت لاحقاً لحملة انتقادات سياسية في الدانمارك. وفي خطوة غير مسبوقة، نشر أكثر من 1000 موسيقي دانماركي بياناً في صحيفة “إنفورماسيون”، طالبوا فيه الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين، ووقف تصدير مكونات الأسلحة لإسرائيل، واستقبال الجرحى من غزة للعلاج في المستشفيات الدانماركية.  وعبّرت الفنانتان الشقيقتان نايا روزا كوبل وبيلي كوبل، اللتان كانتا من بين الموقعين، عن خيبة أملهما من موقف الحكومة الدانماركية، وقالتا: “نريد موقفاً فعلياً، لا شعارات. لا يمكن أن تخضع القيم الإنسانية لمعادلات الربح والخسارة”. لم تمر مشاركة الناشطين المناصرين لفلسطين في مهرجان روسكيلد دون ردّات فعل، فشنّت وسائل إعلام دانماركية، إلى جانب سياسيين من اليمين ويسار الوسط، هجوماً على المنظمين واعتبرت التعبير عن الموقف “راديكالياً”، فيما فسره فنانون بأنه “تهديد مبطّن لإسكات الأصوات الحرة”. هذا الهجوم على المهرجان رفضته إدارة ومنظمو “روسكيلد” هذا العام. وتساءلت بيلي كوبل في تعليقها على الحملة: “ما نطلبه ليس ترفاً سياسياً. نحن فقط نطالب بوقف قتل الأطفال. كيف يكون هذا تطرفاً؟”. واختصرت الفنانة الدانماركية نايا روزا كوبل بعبارة جوهر الموقف الذي يسري على الحالة الفنية العربية أيضاً: “مهنتنا ليست فوق الإبادة الجماعية. ليست فوق صرخات الأطفال. وسنواصل استخدام منصتنا المتاحة مهما كان الثمن”.

ق/ث