خرج رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، ليخاطب التونسيين بخصوص توسّع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية، موضحاً موقف حكومته من الأحداث الأخيرة التي تحوّلت إلى أزمة سياسية بامتياز.وأكد الشاهد أنّه لن
يستقيل من مهامه كما روّج البعض، ولن يتهرّب من مسؤولياته، لافتاً إلى أنّ البلاد تحتاج إلى استقرار سياسي، ومؤكداً أنّ الحكومة يجب أن تواصل عملها إلى عام 2019، موعد إجراء الانتخابات القادمة.
وقال الشاهد إنّه لا يفكّر بالاستقالة باعتبار أنّه جاء إلى القصبة (مقرّ الحكومة) على أساس وثيقة قرطاج، وهو مازال متمسّكاً بما فيها من مقررات، مؤكداً أنّه ليس من طبعه أن يتراخى، على حدّ تعبيره.واندلعت احتجاجات اجتماعية في تونس، بدأت من الجنوب التونسي، وتحديداً من محافظة تطاوين التي تعد ثلث مساحة البلاد. وسرعان ما ضمت الاحتجاجات محافظاتٍ أخرى في الشمال أو الوسط، على غرار الكاف والقيروان ومدن أخرى.واستبعد رئيس الحكومة تكرار سيناريو حكومة الحبيب الصيد مع حكومته، مضيفاً أنّه لا يخضع لأي ضغوطات من أيّ جهة كانت.وعن أسباب التوترات التي اجتاحت عدداً من المدن التونسية في الأسابيع الأخيرة، اعتبر الشاهد أنّ أبرزها هو غياب الثقة لدى التونسيين، بسبب عدم تلبية الحكومات السابقة، وعجزها عن تنفيذ الوعود التي قدّمتها للشعب.وقال إنّ حكومته لم ولن تعطي وعوداً للشعب تفوق قدرتها على إنجاز المشاريع وتنفيذها، مؤكداً أنّها تحتاج لبعض الوقت، من أجل دراسة إجراءات جدية قادرة على تنفيذها في أقرب وقت.واعتبر الشاهد، أنّ الأزمة في تطاوين هي “أزمة ثقة”، قائلاً إنّ القرارات التي تم اتخاذها ليست جديدة وأهالي المنطقة يطالبون بتفعيلها، “ما يمكّن من إعادة بناء الثقة معهم”، بحسب قوله.وقال الشاهد، إنّه سيقوم بجولة قريباً في المحافظات التونسية، يتخذ خلالها إجراءات وقرارات يكون لها “الوقع الإيجابي” على التنمية وتأمين فرص العمل، بحسب وعده، مؤكداً أنّه لن يتوجّه إلى تطاوين إلا بـ”قرارات وإجراءات جدية”.واعتبر الشاهد، أنّ احتجاج نواب وقيادات في أحزاب حاكمة ضدّ الحكومة، ومساندتها للاحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد “غير مقبول”، مضيفاً أنّ الأحزاب في تونس مازالت غير مهيكلة، ودورها ليس إصدار بيانات مساندة والتصويت في البرلمان فقط، بل هو دور اجتماعي وتأطيري “فقدناه في المرحلة الأخيرة”.واتهم رئيس الحكومة، بعض الأحزاب بالسعي إلى ركوب موجة الاحتجاجات ومحاولة توظيفها سياسياً، مشيراً إلى أنّ بعض الأطراف ترفض الانتخابات البلدية، وأخرى يزعجها زياراته إلى بعض المناطق، في حين دخلت بعض الأحزاب في حملة انتخابية سابقة لأوانها. يذكر انه لم تنقطع الاحتجاجات الاجتماعية في تونس منذ الاطاحة بنظام بن علي 2011 وتمركزت في المحافظات الأقل نموًا . ورغم أن الاحتجاجات التونسية انطلقت في الأساس من المناطق المهمشة في وسط البلاد لأسباب اجتماعية في الأساس قبل أن تكون سياسية، إلا أنه وبعد ست سنوات من سقوط نظام زين العابدين بن علي، لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ 2011، من فك الحصار التنموي عن هذه المناطق، التي تشهد ارتفاع نسب البطالة؛ ما أجج الاحتجاجات في هذه الجهات بشكل يطرح أكثر من تساؤل بشأن تداعيات ذلك على مستقبل البلاد. كما يرى الخبراء بر أن إيجاد حل جذري للبطالة وتنفيذ المشاريع المعطلة وتحسين أداء الإدارة يمكنه تجاوز الأزمة الحالية. وتتخبط تونس منذ 2011، في أزمة اقتصادية خانقة، تجلى أثرها سلبيًا على ضعف نسب النمو المحققة التي لم يتجاوز معدلها خلال خمس السنوات الأخيرة 1.5%.