الجزائر- ساهمت الولايات المنتدبة والمستحدثة من طرف الحكومة مؤخرا في تحقيق ديناميكية اقتصادية حقيقية وطرحت نموذجا جديدا لإدارة عصرية تهدف إلى ضمان تنمية منسجمة ومسؤولة ومستدامة قائمة على التوازن بين توفير الثروة وفرص العمل من جهة وتهيئة مستدامة للإقليم والحفاظ على المحيط من جهة ثانية.
عرفت بعض ولايات الوطن في 2016 تجسيدا فعليا لمفهوم المقاطعة الإدارية وفقا للمرسوم الرئاسي المؤرخ في 27 ماي 2015 المتضمن إستحداث مقاطعات إدارية وذلك استجابة لسياسة تهيئة الإقليم وتطوير مناطق جنوب البلاد.
وقد سمح هذا المفهوم الإقليمي الجديد الذي يرتكز على تقريب مركز القرار من المواطن لاسيما بولايات جنوب الوطن التي تتسم بشساعة أقاليمها ومسافاتها البعيدة عن مقر الولاية باستحداث عدد من المقاطعات الإدارية بتنشيط وتعزيز الحركة التنموية الإجتماعية والإقتصادية بها.
ويتعلق الأمر بكل من جانت (ولاية إيليزي) والمغير (الوادي) وأولاد جلال (بسكرة) وتقرت (ورقلة) والمنيعة (غرداية) وكذا عين صالح وعين قزام (تمنراست) وتيميمون وبرج باجي مختار ( أدرار) وبني عباس ( بشار).
وجاء اختيار هذا التقسيم الإداري الذي يندرج في إطار اللامركزية وفق نمط حكامة لضمان توفير طرق أفضل لتنشيط وتعزيز جهود التنمية المبذولة من طرف السلطات العمومية على أرض الواقع بالإضافة إلى معالجة الفوارق الإقليمية بحسب ما أوضح الأمين العام لولاية غرداية كمال نواصر.
وتم ضمن هذا المسعى إطلاق برنامج تأهيل بكل مقاطعة إدارية خلال سنة 2016 بهدف تعزيز التكامل الإقتصادي وتحقيق التماسك الإجتماعي والتنمية المستدامة لهذه المناطق والإستجابة لتطلعات سكانها وفق ما أوضح المصدر نفسه.
واستفادت في هذا الإطار كل مقاطعة إدارية من غلاف مالي يفوق 500 مليون دج بحسب أهمية كل منطقة وذلك في إطار الصندوق التكميلي للتضامن للجماعات المحلية من أجل إنجاز مجموع الهياكل والبنى التحتية ذات الأولوية لتأهيلها والنهوضبالتنمية المحلية بها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد استفادت المقاطعة الإدارية بالمنيعة (غرداية) من غلاف مالي يقارب 550 مليون دج من أجل تأهيلها واقتناء المعدات والتجهيزات اللازمة وذات الأولوية قصد حسن تسييرها بما يسمح بالاستجابة لانشغالات مواطنيها وإدارة مجموع القطاعات الإقتصادية والاجتماعية المشكلة لمجالها الإقليمي.
وسمح هذا التقسيم الإداري الجديد بسد العديد من الثغرات والحد من البيروقراطية كما ساهم في تعزيز وتطوير مبدأ الجوارية وتحقيق أسس الديمقراطية المحلية فضلا عن تحديث الإدارة المحلية حسب ما يرى عديد من المنتخبين المحليين ممن اقتربت منهم وأج بمنطقة المنيعة.
وذكر أحد نواب ولاية غرداية في ذات الإطار بأن الجزائر قد اتجهت فعليا نحو تحقيق التنمية الجوارية وتقوية وتعزيز اللامركزية وكذا معالجة الفوارق وعدم التوازن بين المناطق.
وتتطلع السلطات العمومية من خلال استحداث هذه المقاطعات الإدارية الجديدة إلى تعزيز سبل انفتاحها وترقيتها وإخراجها من عزلتها ومن ضعف بناها القاعدية من أجل توفير مناخ ملائم للاستثمار الاقتصادي وتوفير الثروة واستحداث مناصب شغل.
ويصب تحقيق هذا المسعى في وضع إستراتيجية تنمية اقتصادية واجتماعية لهذه المقاطعات الإدارية وكذا ضمان حكم راشد بالإضافة إلى تكييف الإطار الإقليمي للمتغيرات الديموغرافية والمكانية المسجلة خلال السنوات الأخيرة.
وأكد من جهته الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية ذاتها أن برنامجا قد شرع في تجسيده من أجل تأهيل مدينة المنيعة وتهيئة نسيجها الحضاري بما في ذلك السوق وتزيين شوارعها وأزقتها مما سيسمح بإعطاء وجه جمالي لهذه الواحة الساحرة.
و اعتبر محمد دحماني الورشات التنموية المفتوحة وعمليات التهيئة والتأهيل وتجميل المحيط الجارية “أصبحت واضحة من أول نظرة لزائري المدينة ” مشيرا إلى أن “تطلعاته تتجه نحو إنشاء ديناميكية تنموية جديدة متكاملة ومتوازنة ومستدامة لجعل المنطقة قطب امتياز للتنمية المستدامة”.
أما في القطاع الفلاحي فقد تم رفع عديد التحديات فضلا عن استقطاب عديد المستثمرين والفلاحين الجدد بكل من عين صالح وتيميمون والمنيعة الغنية بمياهها وبمزارعها المتواجدة بالإضافة إلى تطورها في شعبة الحليب وزراعة الذرة والنخيل وكذا الحبوب.
وساهمت هذه المقاطعات الإدارية في تحقيق ديناميكية اقتصادية حقيقية وطرحت نموذجا جديدا لإدارة عصرية تهدف إلى ضمان تنمية منسجمة ومسؤولة ومستدامة قائمة على التوازن بين توفير الثروة وفرص العمل من جهة وتهيئة مستدامة للإقليم والحفاظ على المحيط من جهة ثانية.