الجزائر- تعيش أحزاب الموالاة خلال الأيام الأخيرة ضغطا داخليا كبيرا من الكوادر والمناضلين على القيادة لتعديل موقفها من الحراك، تجلى ذلك في استقالات وعرائض تطالب بتغيير القيادة أيضا، فيما تواصل المعارضة حملة تبييض صورتها وإطلاق سلسلة من التحذيرات.
سقط خيار التمديد من أجندة الداعين له، في مقدمتهم أحزاب الموالاة، فأقرب المقربين من الرئيس بوتفليقة والذين يعتبرون من أشد المساندين له خلال 20 سنة من الحكم، أعلنوا عن مساندتهم ودعمهم للحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 مارس والاستجابة فورا لمطالب الشعب بعد أن كانوا بالأمس القريب يرون بوتفليقة “الرجل الأنسب لقيادة البلاد”.
معاذ بوشارب الذي كان من أشد المدافعين عن خيار “الاستمرارية”، أعلن -في تصريح مفاجئ- عن مساندة جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي يعتبر بوتفليقة رئيسا له، للحراك الشعبي الرافض لتمديد حكمه، وهو التصريح الذي فاجأ محافظي ونواب حزبه في اجتماع صاحبه الكثير من التوتر بسبب المشادات والملاسنات الكلامية التي تفجرت بين الحاضرين المطالبين بتنظيم مؤتمر استثنائي لانتخاب أمين عام جديد باعتبار أن “القيادة الحالية غير شرعية”.
وبشكل مفاجئ، انضم حزب التجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي)، وهو أحد أحزاب التحالف الرئاسي، إلى قائمة المساندين للحراك الشعبي، بعدما دعا أمينه العام أحمد أويحيى، السلطة إلى الاستجابة فورا لمطالب المحتجين.
تاج متمسك بالندوة
من جهته، دعا حزب تجمع أمل الجزائر “تاج”، الخميس 21 مارس، إلى التعجيل بتنظيم الندوة الوطنية الجامعة التي دعا إليها الرئيس بوتفليقة.
واعتبر الحزب في بيان أعقب اجتماع مكتبه السياسي برئاسة عمار غول، رئيس الحزب، أن “الندوة الوطنية الجامعة تمثل الإطار الأنسب للحوار الجاد بين كل الأطراف بدون أي إقصاء لبناء الجزائر الجديدة التي ينشدها الجميع”.
من جهتها أكدت عضو الهيئة المسيرة في حزب جبهة التحرير الوطني، سميرة كركوش، أن الحزب العتيد سيكون صوت الشعوب في الندوة التي تعتزم السلطة تنظيمها، وربطت موقف حزبها من مسألة بقاء الرئيس بوتفليقة بالاحتكام للقانون.
…بحث في فائدة عمارة بن يونس
على عكس أحزاب الموالاة التي سارعت لإبداء موقفها في محاولة لامتصاص غضب الشعب، غاب رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس عن الأنظار، فلم يظهر للعلن منذ آخر تجمع شعبي نظمه بولاية شلف، زمن الحملة الانتخابية المسبقة، التي كان فيها مديرا للإعلام في حملة المترشح بوتفليقة، خاصة بعد تسريب الحديث بين سلال وحداد، الذي أكد فيه الوزير الأول الأسبق أنه خاف من الحراك، ويبدو أن سلال كان صادقا، فها هو عمارة يتوارى ويؤكد خوفه من الحراك ويعرف حقيقة حجمه في الشارع.
المعارضة في رحلة تبييض الصورة
وعلى عكس الموالاة، تفطنت أحزاب المعارضة لما يدور مبكرا واحتضنت الحراك الشعبي، إلا أن نضالها طوال السنوات الأخيرة لم يشفع لها عند الجزائريين، الذين وضعوها في سلة واحدة مع أحزاب السلطة، على غرا ر رئيس حمس الذي أكد أن”شرعية الحراك أكبر من شرعية الدستور، وأن على السلطة الاستجابة سريعا له”.
تخوفات بن فليس
يعتبر رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، أن السلطة في “حالة هلع شديد وارتباك أفقدها صوابها بحملة دبلوماسية واسعة تجاه روسيا وإيطاليا وألمانيا والصين والباقي آت وكانت السلطة قد شنت من قبل حملة مشابهة تجاه فرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.”
وهو الأمر الذي جعل بن فليس يبدي قلقه من تطورات هذه الأوضاع حيث قال في بيان له ، “هذا التطور مقلق؛ والقلق الذي أثاره في نفسي أدى بي إلى التحذير من عواقبه الوخيمة مرتين في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة”.
ويفسر بن فليس قلقه على أنه محمول على أمرين اثنين “المبدأ الأول هو أن الدبلوماسية والدفاع الوطني هما وجهان لعملة واحدة أي هما أداتان في يد الدولة للدفاع عن مصالحها الحيوية؛ والمبدأ الثاني هو أن نظامنا الدستوري يخول لرئيس الجمهورية تحديد المصالح الحيوية للأمة و بغرض الحفاظ على هذه المصالح يضع الدستور تحت تصرفه: الدبلوماسية – أو ما يسمى بالقوة الناعمة- و الدفاع الوطني- أو ما يسمى بالقوة الصلبة”.
أيمن رمضان