كثر الحديث في الآونة الأخيرة في تونس عن إمكانية عودة الإرهابيين من حاملي جنسية البلد الذين شاركوا في القتال في بلدان عربية وتزامنت هذه الأحاديث مع التطورات الجديدة الحاصلة في المنطقة في كل من الملف العراقي والسوري والليبي.
وتسببت التصريحات التي أطلقها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من باريس والتي قال فيها أن السجون التونسية لا تتسع للعائدين من بؤر التوتر، في حالة من الهلع، كما لمح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في وقت سابق إلى إمكانية توبة العائدين من بؤر التوتر وهو ما لم يعجب الكثير من القوى الفاعلة في تونس.ومن بين المعارضين لسن قانون لتوبة الإرهابيين، الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أصدر بيانا شديد اللهجة معتبرا أن عملية تسفير الشباب التونسيين إلى بؤر التوتّر في ليبيا وسوريا والعراق وغيرها هي جريمة من أكبر الجرائم الجماعية التي مورست في هذا العقد في تونس. فلا يكفي حسب المركزية النقابية التونسية، أنّ هذه العملية رمت بآلاف الشباب التونسي إلى المحارق والحروب الدموية وإلى جرائم القتل البشعة حتّى حوّلت أغلب هؤلاء المسفّرين إلى أخطر مجرمي الحرب وأدّت بعدد آخر منهم إلى الموت، فإنّها أيضا كانت جريمة دولية في حقّ شعوب عربية كثيرة، تواطأت فيها جهات مختلفة، وبسببها تورّطت شبكات المتاجرة بالبشر وعصابات السلاح وتجنيد المرتزقة والدول المتآمرة من أجل مصالحها الخاصّة.كما اعتبر الاتحاد أن تسفير الشباب التونسي خلقت حالة من التوحّش وانعدام الإنسانية بلغها غالبية هؤلاء المسفّرين لا يمكن أن تمتّ بصلة لشخصية التونسي ولا لحضارته وثقافته. يشار الى ان تونس وبعد أن كانت قلقة من تجنيد الشاب في صفوف المجموعات المسلحة في العراق وسورية وليبيا، بات التونسيون أكثر قلقاً بسبب عودة هؤلاء إلى بلدهم. ووفقاً لوزير الداخلية، هادي محجوب، فإن 800 من المقاتلين عادوا بالفعل إلى تونس، ويؤكد أن السلطات تراقب هؤلاء، ولديها معلومات كافية عن تحركاتهم. ولم تكفِ هذه التطمينات في تهدئة الرأي العام، وقوات الأمن التي لم تتعود على الحرب ضد المسلحين. وتقول نقابة رجال الأمن الداخلي، إن عودة الإرهابيين قادمين من مناطق الصراع شيء يبعث على القلق، وقد تتحول تونس إلى صومال أخرى، ويضيف بيان النقابة “لقد تلقى عناصر الأمن التدريب العسكري الضروري، وتعلموا كيفية استخدام السلاح الحديث، وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات استثنائية.وأثارت عودة المقاتلين جدلاً واسعاً في أروقة السياسة ووسائل الإعلام، بعد تصريحات الرئيس التونسي، باجي قايد السبسي، في بداية ديسمبر، مؤكداً أنه لا أحد يمكن أن يمنع مواطناً تونسياً من العودة إلى بلده، لن نضعهم جميعاً في السجون، لأننا إذا فعلنا لن يكون هناك سجون بما يكفي مضيفاً في المقابل، سنتخذ الإجراءات الضرورية حتى يتم تحييدهم. وهناك شائعات تقول إن الحكومة تدرس قانوناً يتيح للمقاتلين العائدين “التوبة” والاندماج مجدداً في المجتمع؛ إلا أن رئاسة الجمهورية فندت هذه الشائعات، وأكدت أن تونس لن تصفح عن المسلحين العائدين من العراق وسورية وليبيا، والذين تنطبق عليهم قوانين مكافحة الإرهاب.