رغم تخوفهم من تزامنه مع الحر وشهر الصيام… الطلبة الجزائريون أمام امتحان المصير اليوم

elmaouid

يتقدم، اليوم، أزيد من 761 ألف مترشح لاجتياز امتحانات شهادة البكالوريا دورة جوان 2017، وقد عاش تلاميذ القسم النهائي الأيام الأخيرة قبل حلول هذا الموعد على أعصابهم، لما يحمله من أهمية، فهو بالنسبة إليهم

منعرج هام في حياتهم الدراسية، من أجل حجز مقعد في الجامعة.

 

 

العائلة الجزائرية والتفاؤل بـ “الطمينة، الخفاف والبغرير”

ما ميز عشية الامتحانات الرسمية، داخل البيوت الجزائرية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشهادة البكالوريا المصيرية، هو أن أسر الممتحنين اعتمدت على أنماط معينة من العادات الخاصة بالأكلات الشعبية، حيث تعتبرها “فأل خير” على أبنائها المقبلين على الامتحان، لذا تعمل الأمهات على تحضير أصناف معينة من المأكولات الشعبية الجزائرية عشية اليوم الموعود، لتفسر كل أكلة بتفسير طيب قد يتحقق، فالخفاف الذي يعرف في بعض مناطق الوطن بـ “الاسفنج” تحضره حتى يكون عقل الممتحن خفيفا كالخفاف ولا يتعرض لمشاكل أثناء اجتيازه للاختبار، أما الطمينة والبغرير أو”لغرايف” فلكونهما حلوا المذاق، فالغرض من ورائهما أن يكون يوم الامتحان حلوا كالسكر بالنسبة للتلاميذ الممتحنين دائما وليس فيه ما يستصعبه، فعندما تنتهي ربات البيوت من تحضير أطباقها يكون أول من يأكل أو يتذوق منها الابن المقبل على عتبة الامتحان.

 

 

البنات واصلن المراجعة والدومينو للذكور لتخفيف التوتر

اختلفت مظاهر التوتر من شخص إلى آخر، بالنسبة للمقبلين على شهادة البكالوريا، خاصة في الساعات الأخيرة قبيل الامتحان، فبين الذكر والأنثى فوارق في التفكير وفوارق في نمط التنفيس عن الذات، “الموعد اليومي” وهي تتجول في العاصمة صادفت شبابا في مقتبل العمر ملتفين حول طاولة صغيرة للدومينو، والطاولة عبارة عن حجر إسمنت موضوع فوقه ورق من الكرتون، لما سألنا عن عمل أولئك الشباب، فوجئنا بهم مقبلين على امتحان البكالوريا، حيث اختاروا لعبة الدومينو لأمرين اثنين أنها اللعبة الوحيدة التي يتجمع من حولها “اولاد الحومة” ويكثر المزاح، وبالتالي تنقص حدة التوتر، والأمر الثاني هو أن لعبة الدومينو تعتمد كثيرا على التركيز، وهو ما يساعد عقولهم على التدرب الجيد.

أما البنات، فعلى عكس الذكور تماما، فيبقين مواظبات على الحفظ والمراجعة إلى آخر رمق من حياة الامتحان، حيث لما يتعبن من المراجعة يلجأن لكتاب الله والتضرع للواحد الأحد الذي قد يمن عليهن بتحقيق حلم جميل راودهن منذ أمد بعيد.

 

الصيدليات… قبلة المترشحين للتخفيف من حدة الاضطراب

امتلأت الصيدليات، عشية امتحان شهادة البكالوريا، بالتلاميذ المقبلين على الامتحان، لشراء كمية كبيرة من أقراص الفيتامينات والمنشطات، كما واظب الطلبة على شرب القهوة والشاي اللذين يتم اقتناؤهما من المحلات، حتى يحافظوا على تركيزهم خلال مراجعتهم للدروس المقررة لاجتياز دورة 2017، جاعلين منها وسيلة يستمدون بها ولو القليل من النشاط والقوة لمكافحة التعب، يحصل هذا، رغم قيام العديد من الأطباء بنصح الشباب المقبل على الامتحانات بالابتعاد كل البعد عن المنشطات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والإقبال على تناول الفيتامينات والمغنيزيوم التي تلعب دورا هاما في تنشيط الذاكرة.

 

عشية الامتحان… الليلة الأطول في الحياة

تعتبر ليلة امتحان شهادة البكالوريا، من أطول الليالي التي يعيشها التلميذ الممتحن في حياته، حيث ينطبق قول الشاعر “وليل كموج البحر أرخى سدوله عليا بأنواع الهموم ليبتلي”، وفعلا، فما يعانيه التلميذ ليلة الامتحان من وساوس جمة قد تصل به إلى الكآبة وعدم الثقة في إمكانياته، بل تمتد به في كثير من الأحيان إلى التفكير في عدم اجراء الامتحان خوفا من الأجواء، ومن الأسئلة وفي كثير من الأحيان خوف من الرسوب…حيث تعتبر بعض الأمهات اللاتي التقت بهن “الموعد اليومي”

واللاتي كانت لهن تجربة مع أبنائهن الذين اجتازوا البكالوريا في السنوات التي خلت، أن ليلة البكالوريا بالنسبة للتلاميذ تعد من أطول الليالي في حياتهم، ذلك أن كل عقولهم تنصب حول ظروف الامتحان

وكذلك حول التفكير فيما إذا كانوا سيوفقون أم لا، وأضافت إحدى الأمهات اللاتي التقيناها أنه وبحكم المبيت مع ابنتها، في ليلة الامتحان حتى تخفف عنها، ظلت الابنة تتقلب طيلة الليل في فراشها، عندما تمل تقوم للصلاة وحينما تتعب تعود للتقلب في الفراش حتى الفجر، لتنام ساعتين فقط، وما خفي، تقول، كان أعظم.

 

 

لا تخافوا… كل الأجواء مهيأة

أكدت نورية بن غبريط وزيرة التربية الوطنية على تسخير الدولة لكل الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاح هذا الموعد “الهام” المقرر إجراؤه من 11 إلى 15 جوان.

ولضمان السير الحسن لمجريات امتحانات البكالوريا دورة جوان 2017 على المستوى الوطني، سخرت وحدات الأمن الوطني جميع الوسائل البشرية والمادية، حيث ستقوم بتفعيل مخطط وقائي عملياتي خاص يضمن التغطية الأمنية لمراكز الطبع وإجراء الامتحانات والتجميع للترميز وكذا مراكز التصحيح.

من جهة أخرى، ستضمن وحدات الأمن الوطني بالتنسيق مع موظفي قطاع التربية الوطنية “عملية نقل المواضيع وأوراق الإجابات باتجاه كل مراكز الامتحان”، إضافة إلى توفير الأمن لمراكز الامتحانات والأماكن المحاذية لها ومقرات مديريات التربية.

 

وحتى يكون الجميع في الموعد

ومن أجل ضمان جلب مواضيع الامتحانات في وقتها المحدد، عملت فرق الأمن الوطني كل ما بوسعها لتكون أمام الممتحن في الموعد المعين، بالإضافة إلى تأمين عملية نقل أوراق الأجوبة من مراكز الامتحانات إلى مديريات التربية ومن مديريات التربية باتجاه مراكز التصحيح.