يشكل الأطفال في الجزائر شريحة هامة من المجتمع، حيث تقدر فئة الشباب الأقل من 30 سنة، ما يقارب 23 مليون نسمة، لذلك فإن التشريع الجزائري كان من بين التشريعات السباقة التي اهتمت بحماية الطفولة بعد إصدار العديد من القوانين التي تعمل على حماية هذه الفئة من التشرد و الضياع.
تعترف جمعياتُ حماية الطفولة والأطراف المهتمة بها، بتحسُّن وضعية الطفولة في الجزائر في السنوات الأخيرة مقارنة بالعقد الماضي، إلا أن ناشطين يعتبرونها _ غير كافية وبينما يرى عبد الرحمن عرعار، رئيس جمعية ندى لحماية الطفولة أن _ هناك مكتسبات وإنجارات عديدة للطفولة بالجزائر، ولكنها بحاجة إلى تفعيل. أكد الديوان الجزائري للإحصائيات أن عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة بلغ 10.2 مليون نسمة من مجموع 36.2 مليون نسمة إلى غاية 31 ديسمبر الماضي، وهو ما يمثل نسبة 27.8 بالمائة من عدد السكان.
ضحايا التفكك
قالت هيئة ترقية الصحة، إن هناك أكثر من 15 ألف طفل متشرد يعيش في الشارع لأسباب عديدة أهمها الطلاق والتفكك الأسري والعنف الزائد وسوء المعاملة، وهو انتهاك بشع لحقِّ الأطفال في الحماية والرعاية الأسرية والاجتماعية، ويعرِّضهم لانحرافات عديدة كالإدمان على المخدرات واستغلالهم في ترويجها لفائدة عصابات متخصصة لإبعاد شكوك الأمن، وكذلك الانتهاكات الجنسية والضرب واستخدامهم في التسول.
وتحدثت هيئة ترقية الصحة عن انتهاك آخر لحقوق الطفولة بالجزائر من خلال دخول أكثر من 300 ألف طفل سوق العمل واستغلالهم بأبخس الأثمان، وينبّه رئيس الهيئة مصطفى خياطي إلى أن “عمل هؤلاء لا يتمّ في المؤسسات العمومية والخاصة، بل لدى أشخاص لديهم مزارع أو ورشات بسيطة غير مصرّح بها حيث يعمل الأطفال دون أية حماية اجتماعية، ما يعرّضهم لكل الأخطار في غياب الصرامة في الرقابة”.
ويحمّل خياطي آباءَهم وأمهاتِهم المسؤولية بالدرجة الأولى، حيث يقوم الكثيرُ منهم بدافع الفقر بإيقاف صغارهم عن الدراسة وإرسالهم إلى العمل بذريعة مساعدتهم في تحمُّل أعباء مصاريف الأسرة، عوض حمايتهم والكفاح في الحياة من أجل تأمين حقّ أبنائهم في الدراسة حتى يتطلعوا إلى مستقبل أفضل. ويدعو الدولة إلى وجوب الالتزام بالصرامة في الرقابة والتفتيش ومعاقبة الأولياء الذين لا يلتزمون بحق أبنائهم في مزاولة دراستهم حتى سنّ الـ16 كما ينص القانون ولو أعادوا السنة الدراسية الواحدة عدة مرات.
ويعمل الأطفالُ أيضاً في المقاهي وجمع الخبز اليابس لإعادة بيعه، فضلاً عن بيع “خبز الدارس في الأسواق وعلى حواف الطرقات، وكذلك السجائر وسلع أخرى خفيفة، وتزداد هذه الظاهرة صيفاً وبخاصة في المدن الكبرى، حيث يدفع الكثير من الآباء صغارهم إلى العمل في بيع الخبز والسجائر في الأسواق الفوضوية والشواطئ بهدف مساعدتهم ماديا.
… وأزيد من 2500 طفل ضحية عنف سنوي
أثبتت آخر الاحصائيات أن أكثر من 2500 قاصر ضحية للعنف بكل أشكاله، حيث احتلت الإعتداءات الجسدية السداسة أزيد من 1100 حالة، يليها العنف الجنسي والتحريض على الفسق بـ702 حالة يترك آثارا سلبية على نفسيته، بعد استعمال القوة والعنف ضد هذه البراءة التي سلبت من طفولتها لتدخل بالإكراه عالم الشغل في سن مبكرة وعالم الإجرام.
أسباب عديدة.. وللإختصاصيين وجهة نظر
ذكر معظم الأخصائيين النفسانيين أن الإهمال العائلي وسوء المعاملة من قبل الوالدين وفشلهم في توفير الرعاية المناسبة من مسكن وملبس وغذاء، والتربية والتعليم والتوجيه والرعاية الطبية وغيرها من الإحتياجات الأساسية الضرورية لتنمية القدرات الجسدية والعقلية والعاطفية، سببا في تشرد الطفل. فيما تبقى الرقابة أحسن طريقة لمتابعة خطواته لتنمو ثقة الطفل بوالديه ويشعر بالأمان والدفء والحنان، لينمو نفسيا وجسديا نموا سلميا يقيه من التعرض للمخاطر.
أكثرمن 40 ألف طفل متشرد معدل حياتهم لا يتجاوز 4 سنوات في الشارع
بلغ عدد الأطفال الذين أحصتهم اللجنة الوطنية لترقية الصحة قرابة 40 ألف طفل، أعمارهم تتراوح ما بين 8 و15 سنة، بالإضافة إلى ذلك، توصلت اللجنة إلى أن 30 بالمائة منهم يتعاطون المخدرات، وحسب رأي بعض الأخصائيين أن مدة عيش هؤلاء الأطفال لا تتجاوز 4 سنوات في الشارع بسبب عجزهم عن تحصيل قوت يومهم واتخاذهم من التسول والسرقة وسيلة للعيش وأرجع الأخصائيون النفسانيين سبب تشرد هؤلاء الأطفال إما لهروبهم نتيجة للاضطهاد الذي يحدث لهم في بيوتهم أو نتيجة لتخلي الأسر عنهم أو نتيجة اختفائها بسبب حادث أو ظرف معين، ليجدوا أنفسهم موظفين من قبل عصابات تستغلهم، وتقودهم إلى عالم الجريمة.
11 ألف طفل يقدم سنويا أمام العدالة بالجزائر
حسب تصريح عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة “ندى” للدفاع عن حقوق الطفل “أن قرابة 11 ألف طفل يتقدم سنويا للعدالة، مشيرا إلى تلقي الشبكة عبر رقمها الأخضر لـ470 حالة أطفال في نزاع مع القانون من ضمن 9050 مكالمة هاتفية جاءت من طرف 15 ولاية، تم مرافقتها خلال نزاعاتها القضائية بداية من التحقيق وصولا إلى مرحلة الحكم والسجن، كانت أخطرها 52 حالة متعلقة بالتحرش الجنسي”.
شبكة “ندى” لحماية حقوق الإنسان تعمل جاهدة لوضع حد للاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال يوميا بالتنسيق مع الوزارات .كما تعمل شبكة “ندى” في مرافقة الأطفال ومساعدتهم في مختلف الجوانب كالطرد المدرسي ،التكفل النفسي والاجتماعي والبحث عن سبل إدماجها في المجتمع.