تحرص فئة واسعة من المراهقين والشباب الجزائري على الاحتفال بعيد الحب أو ما يعرف بـ “سان فالنتين”، الموافق لـ 14 فيفري من كل سنة، بطقوس غرامية تشبه إلى حد بعيد ما يقوم به الغرب، وبعيدة تماما عن أعراف مجتمعنا وتعاليم ديننا الحنيف.
وعلى الرغم من أن عيد الحب لا يحظى بإجماع الجزائريين، إلا أن نسبة كبيرة من المراهقين والشباب تحرص على الاحتفال بهذا العيد سواء بشراء الهدايا أو التوجه إلى المطاعم للعشاء في جو رومانسي، كما يحرص المحتفلون على ارتداء ملابس ذات لون أحمر، للتعبير عن مشاعر الحب في تقليد صارخ وواضح للغرب.
“الورود الحمراء” و”الشكولاطة”.. أكثر مبيعات هذا اليوم
ما يميز “عيد الحب” تلك الهدايا التي يتبادلها المحبون فيما بينهم، ولعل أبرزها، الورود الحمراء التي يدل لونها على تلك المشاعر الفياضة التي لا يشعر بها إلا قلب المحب، فضلا عن الشكولاطة، فهاتان الهديتان هما أكثر ما يميز المناسبة، وحسب المحتفلين بها، التي لا يمكن لهم أن يستغنوا عنها، يقوم الثنائي من أصدقاء أو متزوجين بشراء وردة حمراء للطرف الآخر مصحوبة بعلبة من أجود وألذ أنواع الشكولاطة التي تكون في معظم الأحيان على شكل قلب ومغلفة باللون الأحمر الذي يرمز للحب.
“عيد الحب” مناسبة في يد التجار لـ “كيّ” العاشقين
يستعد بعض محلات بيع الحلويات و الشكولاطة في الجزائر لاستقبال عيد الحب، خصوصا وأن الطلب على الشكولاطة يرتفع يوم ”الفالنتان”، وتختلف أسعارها من محل إلى آخر ومن نوع إلى آخر ليصل في بعض الأنواع إلى أكثر من 1000 دينار جزائري وتتجاوزه في بعض الأحيان، وتستحوذ الأصناف المستوردة من دول أجنبية مثل سويسرا وفرنسا، على إقبال المواطنين كشكل من التباهي، فيما يعمد التجار إلى عرضها على مرأى المتسوقين لإغرائهم وإثارة انتباههم.
أما بالنسبة للورود الحمراء، فالكثير من الشباب الجزائري خاصة، يقصدون محلات بيعها في يوم الـ 14 فيفري من أجل الاحتفال بهذه المناسبة و تقديمها للطرف الآخر، ما جعل باعة الورود يغتنمون الفرصة من أجل رفع سعرها بالمقارنة مع الأيام العادية، و يتراوح سعر الوردة الواحدة بين 80 دينارا جزائريا بالنسبة للورود المحلية و140 دينارا بالنسبة للورود المستوردة من المغرب أو هولندا، خصوصا مع ندرة الورود في فصل الشتاء، فيما لا يتجاوز سعر الورود خلال فصل الربيع 50 دينارا لأنه الفصل الذي تنفتح فيه الورود بمختلف أنواعها، فبالرغم من ارتفاع أسعار الورود و الشكولاطة ، تبقى هاتان الهديتان بالنسبة للمتحابين أقل شيء يمكن تقديمه للطرف الآخر بالرغم من أن الباعة “كواوهم” برفعهم للأسعار.
المجوهرات والعطور رغم الغلاء عنوان آخر للتهادي
ولا تقف هدايا “عيد الحب” عند الورود و الشكولاطة، فهناك من الناس من تتيح لهم الظروف الاقتصادية إمكانية اقتناء هدايا متفاوتة الثمن من أجل تقديمها للشريك أو الطرف الآخر، فالكثير من الشباب يقصدون مختلف محلات بيع المجوهرات لشراء خواتم من ذهب من أجل تقديمها للزوجة أو الخطيبة، وكثيرا ما يعتبر هؤلاء هذا اليوم مناسبة من أجل إعلان الخطوبة.
من جانب آخر، يشتري البعض الآخر مجموعة من الملابس المختلفة من أجل تقديمها كهدية للنصف الآخر، في حين يقدم البعض الآخر عطورا غالية ومستوردة من أشهر العلامات التجارية العالمية كتعبير عن مشاعرهم، فيما يقدم آخرون هاتفا نقالا لصديقته مثلا، إلى جانب هدايا أخرى تذكارية مثل القلوب المصنوعة من الرخام أو البلور أو غيرها من الهدايا المختلفة التي يقدمها البعض، ويبقى الأهم عند الكثير في كل هذا هو الأحاسيس التي يكنها الشريك لشريكته بغض النظر عن الزمان والمكان والهدية.
“المقنين”… للحب والإخلاص
وهناك فئة أخرى من الشباب وحتى الشابات يتوافدون خلال مناسبة ”سان فالونتان” على المحل من أجل اقتناء زوج من العصافير سواء من نوع “الكناري” أو “طائر الحسون أو ”المقنين” كما يسمى في الجزائر وغيرها من الطيور جميلة المظهر والصوت، وهم يعتبرون أن هذا الزوج من العصافير هو رمز للحب والإخلاص وربما مثال للحياة التي ستجمع الشابين في المستقبل في قفص ذهبي لا يفرقهما عن بعضهما أحد.
عيد الحب في الشارع الجزائري.. بين المناسبة الجميلة واللاحدث
خلال الاستطلاع الذي أجرته “الموعد اليومي” عبر شوارع العاصمة، مع بعض المواطنين العاصميين حول موضوع الاحتفال بعيد الحب في شهر فيفري من كل سنة، تبين بأن هناك آراء متباينة من شخص لآخر، فهناك من يحتفل بهذه المناسبة كل سنة، وهناك من يرى بأن الحب لا يجب تحديده بيوم واحد فقط، وهناك من يستنكر الاحتفال بهذه المناسبة لأن الشعب الجزائري شعب مسلم والاحتفال بعيد الحب من أعياد الكفار التي لا يجب الاقتداء بها.
وقد كان معظم من سألناهم من الشباب والشابات خاصة، تحدثوا عن احتفالهم بعيد الحب واعتبروه مناسبة جميلة للتعبير عن مشاعر الحب للطرف الآخر، كما تكلموا عن كون هذه المناسبة فرصة لتقديم الهدايا للطرف الآخر، وطريقة من أجل التصريح بأسمى المشاعر للصديق أو الصديقة أو الزوج أو الزوجة، مع تقديم هدية رمزية تعبيرا عن هذه المشاعر.
في حين وصف البعض الآخر ممن تحدثنا إليهم المناسبة بالعادية وليس هناك داعٍ للاحتفال بها، مشيرين إلى أن الانسان يحب شريكه أو شريكته طول السنة ولا يجب تحديد الحب في يوم أو نصف يوم فقط، مؤكدين في ذات الوقت، على أن مثل هذه المناسبة يمكن اعتبارها سخيفة كونها لا تمت بصلة لتقاليدنا وعاداتنا في الجزائر.
وترى فئة أخرى ممن تحدثت إليهم “الموعد اليومي” فيما يتعلق بهذا الموضوع، وخصوصا كبار السن والمحافظين، أن هذه المناسبة دخيلة على مجتمعنا وتقاليدنا، وأنها بعيدة كل البعد عن ديننا الإسلامي الذي يحرم تقليد الكفار في احتفالاتهم، مشددين على أن هذه المناسبة لا علاقة لها بالمسلمين ولا علاقة لها بالحب وهي مرتبطة فقط بالكفار الذين عملوا على نقل هذه المناسبة إلى الشباب المسلمين من أجل إبعادهم عن دينهم وعاداتهم.
علماء الدين: الاحتفال بما يسمى “عيد الحب” محرم شرعا
يتحدث علماء الشرع، بأن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه، وأضاف العلماء، أنه إذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم، لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبّه بقوم فهو منهم). وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ، بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم.