كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُولِي اهتمامًا كبيرًا وعناية بالغة بتربية أصحابه الشبابِ، ويستخدم لها أسلوبَ الحكمة والموعظة الحسنة، ويتعامل معهم بالعطف واللِّين: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” آل عمران: 159″. وقد تجلَّى هذا اللِّينُ والعطف مع شابٍّ يستأذنه بالزنا، فلم يؤنِّبْه ولم يوبِّخه؛ روى أحمد عن أبي أمامة قال: “إن فتًى شابًّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذنْ لي بالزنا، فأقبل القومُ عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال صلى الله عليه وسلم “ادنُهْ”، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: “أتحبه لأمِّك؟” قال: لا والله، جعلني اللهُ فداءك، قال: “ولا الناسُ يحبونه لأمهاتهم”، قال: “أفتحبُّه لابنتك؟”، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: “ولا الناس يحبونه لبناتِهم”، قال: “أفتحبُّه لأختك؟” قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: “ولا الناس يحبُّونه لأخواتهم”، قال: “أفتحبُّه لعمَّتك؟” قال: لا والله، جعلني اللهُ فداءك، قال: “ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم”، قال: “أفتحبه لخالتك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: “ولا الناس يحبونه لخالاتهم”، قال: فوضع يدَه عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّنْ فرجَه”، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”؛ حديث صحيح، مسند أحمد.