اعلمْ – أخي المبتلَى بكورونا أو غيره من الأمراض-: أن المرَض “كورونا، وغيره” واقع بإذن الله تعالى الرحيم الرحمن العليم الحكيم جل جلاله، ووقوعه لحِكَم جليلة؛ قد تظهر لبعض الخلق وقد لا تظهر؛ فمَن ظهرَت له بعضها ازداد تسليمًا وانقيادًا وإذعانًا لحُكم الله تعالى الكوني والشرعي، ومن لم تظهر له فعليه أن يعلم ويتيقن أن الله تعالى لا يقدِّر ما قدره عبثًا، وإنما قدَّره لمصالح عظيمة وحِكَم جَليلة؛ فمن بعض الحِكَم في ذلك:
– شعور العبد بضعفه، وفقره، وحاجته إلى ربه، وانكساره، وذله له سبحانه؛ فإذا حصل ذل العبد لربِّه، دعا ذلك إلى دعاء ربه، والتضرع إليه، والتوبة إليه من الذنوب، وسؤاله تكفيرَ الخطايا، فيرق بالمرَض قلبُه، ويذهب عنه الكبرياءُ والعظمةُ والعدوان، فقد لا يحصل له مع الصحة بعض هذه المصالح!
– ابتلاء العباد أيهم يحسن ظنه بربه، ويصدق في توكله عليه، ويصبر، ويرضى بما قدره الله تعالى عليه، ويحتسب الأجر، وأيهم يجزع ويسخط.
– رحمة الله تعالى بعبادِه المؤمنين بتكفير الخطايا والسيئات، ورفع الدرجات.
– إذاقة الناس بعض ما عملوا؛ لعلهم يرجعون إلى الله تعالى.
– العلم بأنَّ تقدير أسباب الشفاء من الرقى والأطباء ونحو ذلك هو من أعظم مظاهر رحمة الله بعباده؛ فمن حكمة الله في تقدير هذه الأسباب للشفاء أن يري العباد لُطفه وبره بهم، وإحسانه إليهم، وأنه إذا قدر الداء قرَن به أسباب الدواء والتعافي منه، ولو شاء لحال بينهم وبين ذلك.. وغير ذلك من الحِكم الكثيرة، التي يقصر المقام عن تعدادها.. وبالجملة فإنَّ انتفاع القلب والروح بالآلام والأمراض أمرٌ لا يحس به إلا من فيه حياة؛ فصحة القلوب والأرواح موقوفة على آلام الأبدان ومشاقها، وهذه الآلام والأمراض والمشاق من أعظم النعم إذ هي أسباب النعم! كما يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل، وقال: ” وقد أحصيت فوائد الأمراض فزادت على مائة فائدة “!
ثم اعلم أن الله الرحيم الرحمن سبحانَه هو وحده الذي يكشف الضر، ويدفع البلاء سبحانه، ويشفي من المرض بفضله سبحانه، وأنه ما أنزل داء إلا وأنزل له الدواء؛ عَلِمه من عَلِمه وجَهِله مَن جَهِله؛ فقد قال جل وعلا عن نبيه إبراهيم الخليل عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ” وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ” الشعراء: 80.