إنَّ الإنسان في الحياة الدنيا مُرتحِلٌ لا محالةَ، فالموتُ قادمٌ عليه طال الزمنُ أو قَصُرَ، وإنَّ رحلتنا في هذه الدار لا بدَّ لها من زادٍ وركوبٍ؛ حتى ننعم بسلامة الوصول إلى دار القرار.
وإنَّ الزادَ الحقيقيَّ لهو الإيمان؛ فهو مصدر الطاقة، والركوب هو العمل الصالح، ونحن الآنَ في مرحلة استصلاح الأرض وبذْرها، فَلْنجتهِدْ في الرعاية والسقاية؛ حتى تُؤتي أشجارنا أُكُلَها، وتُثمر ولو بعد حين، فلا تنسوا أن الدنيا مزرعةُ الآخرة، فمن اجتهَد وكدَّ فله الثواب، ومن تكاسَل وتقاعَس فقد استحقَّ العقاب. ألا إن بقاءنا في الدنيا محدودٌ، وعمرنا فيها مقدَّرٌ بالأنفاس معدودٌ، فلكلِّ بدايةٍ نهاية، ولحياتنا هدفٌ سامٍ وغاية، نعيش في هذه الدار ما قدَّر الله عز وجل لنا أن نعيش، نمرُّ خلالها بأطوارٍ مختلفة؛ من طفولةٍ وشبابٍ وكهولةٍ وشيخوخة، وقد يشعر الواحد منَّا ببعض التناقُضات في كثيرٍ ممَّا يفعلُه، وهذا يستدعي منَّا أن نتفكَّر في ذواتنا، وأن نتأمَّلَ في العوالم حولنا، وأن نُدرك حقيقة الوجود والمقصد من الخَلْق، قال تعالى: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات: 56، إذًا فكيف نعيش الحياة الحقيقية، التي أرادها ربُّ البريَّة؟
إن العيش على هامش الحياة هو التصادُم مع السُّنَن الربَّانية في الأفراد والجماعات والشعوب، وقد قال تعالى: ” سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ” الأحزاب: 62، وما دامت سُنَن الله غلَّابة، فهي لا تُحابي أحدًا، والفرد أو المجتمع سيُصاب عاجلًا أو آجلًا بالإخفاق. العيش على هامش الحياة هو عدم فهْمِ الدِّين فهمًا صحيحًا، ويترتَّب على ذلك أن الالتزام يصير مغشوشًا كعُمْلة مغشوشة ضررُها أكثرُ من نَفْعِها. إن العيش على هامش الحياة هو غياب المُثُل والقيم، وإطلاق العنان للشهوات والملذَّات. العيش على هامش الحياة هو الأنانية والأثَرَة، والإحباط والسلبية. العيش على هامش الحياة هو ترك الإنجاز، وإهمال التطوير، والرضا بالدونية. فاحذِّرك من أن تُضيِّع نفسك وتموت قبل أن تترك أثرًا في الحياة، فإياك إياك أن تعيش على هامش الحياة، فتُقزِّم نفسك، وتزدري نِعَمَ الله عليك، وتكون عاطلًا عن كل مشروع عظيم، فلا معنى لوجودك هكذا، فعش ملتزمًا بدينك، واهتمَّ بإصلاح باطِنِكَ وظاهرك، عِشْ حياةً شريفةً، ولا تُساوم فيها على مبادئكَ، أوجد لنفسك مكانًا بين العظماء، ساهم ولو بالقليل في نشر الخير، تحلَّ بالفضائل، وتخلَّ عن الرذائل، حينئذٍ تكون عنصرًا مؤثِّرًا في الحياة.
موقع إسلام أون لاين