أبدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ، الأربعاء قلقها من استخدام التحالف الدولى بقيادة واشنطن الفوسفور الأبيض خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” الارهابي فى سوريا والعراق.
وجاء ذلك بعد ايام على تقارير تحدثت عن قصف التحالف الدولى لمدينة الرقة، معقل تنظيم “داعش” فى سوريا، بالفوسفور الابيض فى اطار دعمه لحملة قوات سوريا الديموقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) لطرد المسلحيين من المدينة .وقالت “هيومن رايتس ووتش” ان “استخدام الفوسفور الأبيض بالضربات المدفعية من قبَل التحالف بقيادة الولايات المتحدة يثير أسئلة خطيرة حول حماية المدنيين”، واكدت ان “القوات الاميركية تستخدم الفوسفور الأبيض فى الموصل فى العراق، وفى الرقة معقل داعش فى سوريا. لكن سبب استخدام قوات التحالف غير واضح”.ويمكن استخدام الفوسفور الابيض لاسباب عسكرية منها خلق ستار دخانى أو ارسال اشارات ووضع علامات أو حتى كسلاح حارق، واشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى شريط فيديو من الموصل فى الثالث من الشهر الحالى يظهر “استخدام قذائف أرضية تحتوى على الفوسفور الأبيض”.وكان قد نشر نشطاء شريط فيديو قالوا انه يشير إلى قصف مدينة الرقة بالفوسفور الأبيض. وتظهر فى الفيديو الذخائر وهى تنفجر فى الهواء قبل ان تتساقط على شكل كتل من النار.وقتل فى ذلك اليوم 23 مدنيا فى قصف للتحالف الدولى على الرقة ومحيطها، وفق ما وثق المرصد السورى لحقوق الانسان الذى رجح ايضا استخدام الفوسفور الابيض متحدثا عن “غارات جوية”، واشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى انه “فى حادثة الموصل، انفجرت القذيفة بالقرب من الأرض، فى ما يبدو أنه محاولة لتقليل الآثار”، فيما تظهر الفيديوهات فى الرقة “الذخائر تنفجر أعلى فى الهواء، ناشرة الفوسفور الأبيض على مساحة أوسع بكثير”.يشار الى المادة الثالثة من اتفاقية جنيف تحظر استخدام الأسلحة الحارقة، ومنها القنابل الفوسفورية، ضد الأهداف المدنية، كما تحدّ من استخدام تلك الأنواع ضد الأهداف العسكرية المتاخمة لمواقع تمركز المدنيين.ومقدرة القنبلة الفوسفورية على إحالة أجساد البشر إلى قطع كربونية سوداء فاقت كل التوقعات، حتى تقديرات من ابتكروها.ويشار ايضا إلى أن مركب الفوسفور الأبيض أو الفوسفور الرباعي الوحدات “P4” يعتبر من المواد التي لا توجد في الطبيعة بشكل اعتيادي، بل يتم تحضيرها من صخور الفوسفات.ويستخدم هذا المركب في تصنيع العديد من المواد التي تستخدم في الحياة العامة لأغراض إنسانية وصحية، كذلك تستخدم في مجال التصنيع العسكري لإنتاج قنابل الفوسفور الأبيض، التي من المفترض أن يتركز استخدامها على أغراض التمويه في الحروب، بإخفاء تحركات أرتال الجيوش؛ لقدرتها على إنتاج سحب كثيفة من الدخان الأبيض تحجب الرؤية، إلا أنها في الوقت نفسه تعد من القنابل الحارقة والمدمرة وبكفاءة عالية.ويتميز الفوسفور الأبيض برائحته المشابهة لرائحة الثوم، وبلونه الأبيض الناصع، عند وجوده بالشكل النقي، إلا أن الشكل المستخدم في مجالات التصنيع المختلفة له لون أصفر؛ نتيجة امتزاجه مع عدد من المركبات الكيمائية الأخرى.لا تقتصر مخاطر القنابل الفوسفورية على القتل والحرق الذي يطال ضحاياها، بل يمتد تأثيرها إلى البيئة المحيطة، فتتسبب بتلويث الماء والتربة، بعد أن تنهي مهمتها في تلويث الأجواء بدخانها الخانق، وما ينتج عن ذلك من نوبات سعال شديد بين الأفراد، تكون مصحوبة بتهيج في الجلد والأنسجة المعرضة للدخان، كما هو الحال بالنسبة للفم والحلق والرئتين.ووفقاً لرأي خبراء في وكالة حماية البيئة الأمريكية، يعد الفسفور الأبيض من المواد الخطرة التي تلوث الهواء، لذا تشدد الوكالة على ضرورة متابعة رصد مستويات مادة الفسفور الأبيض في الأجواء بمختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد في المناطق التي تحوي منشآت صناعية تستخدم هذا النوع من المواد، أو في الأماكن التي تضم مرافق تابعة للجيش والتي تشهد تدريبات عسكرية، تنطوي على استخدام ذخيرة تحوي تلك المادة.ويؤكد مختصون في وكالة المواد السامة وسجل الأمراض الأمريكية، أن بقايا مكونات قنابل الفوسفور الأبيض يمكن أن تنفذ إلى المياه القريبة من مواضع استخدامها، كما تستقر في رواسب الأنهار والأحواض المائية المحيطة، بفعل مياه الأمطار التي تعمل على سحب المخلفات الكيميائية من تلك القنابل إلى مجارٍ مائية قريبة، إذ إن قابلية الفوسفور الأبيض للتفاعل بسرعة مع الأكسجين في الهواء، تقلل من انتشاره إلى أماكن بعيدة عن مواضع استخدامه.