راحة قلبك في غض بصرك

راحة قلبك في غض بصرك

عن جرير بن عبد الله قال: سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن نَظَرِ الفُجَاءَةِ فأمَرَنِي أَنْ أصْرِفَ بَصَرِي. قال النووي رحمه الله تعالى: معنى “نَظَرِ الفُجَاءَةِ”: أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد، فيجب عليه أن يصرف بصره في الحال، فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم”. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فلما كان غض البصر أصلًا لحفظ الفرج بدأ سبحانه بذكره… وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته”. وقال أيضًا: “النظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه”. وقال في ذكر منافع غض البصر: ”

أحدها: أنَّه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده، فليس للعبد في دنياه وآخرتِه أنفع من امتثال أوامر ربِّه تبارك وتعالى.

الثانية: أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعلّ فيه هلاكه إلى قلبه.

الثالثة: أنَّه يورث القلب أنسًا بالله وجَمعيةً على الله، فإنّ إطلاق البصر يفرّق القلب، ويشتّته، ويُبعده من الله، وليس على العبد شيء أضرّ من إطلاق البصر، فإنّه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.

الرابعة: أنه يُكسب القلب نورًا، كما أنَّ إطلاقه يكسبه ظلمة. ولهذا ذكر سبحانه آية النور عَقِيبَ الأمر بغضِّ البصر، فقال: ” قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ” النور: 30 الآية، ثم قال إثرَ ذلك: ” اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ” النور: 35.

الخامسة: أنّه يورث القلب ثباتًا وشجاعةً وقوةً، فيجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة، وسلطان القدرة والقوة، كما في الأثر: الذي يخالف هواه يفرَق الشيطان من ظلّه.

من موقع إسلام أون لاين