الجزائر- تطرق رئيس النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين للصحة العمومية، الدكتور محمد يوسفي، في حوار حصري مع “الموعد اليومي” إلى عدة مواضيع حديث الساعة، أبرزها الإضرابات المتتالية التي تشهدها
المستشفيات الجزائرية وصحة انضمام نقابته إليها، إضافة إلى مطلب “إلغاء الخدمة المدنية” وموقف نقابته منه، فضلا عن الوضعية الاجتماعية للطبيب في الجزائر ومواضيع أخرى.
تبرأ رئيس النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين للصحة العمومية، محمد يوسفي، من دخول الأطباء الأخصائيين في أي حركات احتجاجية رفقة الأطباء المقيمين والداخليين، مؤكدا أن تنسيقية موازية للأطباء الأخصائيين غير معتمدة وتنشط بصفة غير قانونية تروج لمثل هذه الأخبار وتدعو الأطباء الأخصائيين إلى إضراب هذا الثلاثاء.
وأكد محمد يوسفي أن نقابته تعد الممثل الشرعي والرسمي الوحيد للمستخدمين الأخصائيين بما فيهم الأطباء الأخصائيون، مضيفا أنهم لم ولن ينضموا الى أي حركة احتجاجية في الوقت الراهن بما فيها الاضراب الذي من المقرر تنظيمه هذا الثلاثاء 27 مارس.
مطالب الأطباء المقيمين والداخليين غير شرعية
وبخصوص مطلب إلغاء الخدمة المدنية الذي أثار الكثير من الجدل مؤخرا، أكد يوسفي بأن مطالب الأطباء المقيمين والداخليين بخصوص الخدمة المدنية غير قانونية وغير شرعية كونهم لايزالون طلبة وهذا الأمر يخص الأطباء الذين أنهوا دراستهم نهائيا ويزاولون مهامهم كأطباء.
وأكد المتحدث ذاته أن هذه المطالب التي يرفعها الأطباء المقيمون بما فيها مطلب إلغاء الخدمة المدنية وتخصيص الشروط التحفيزية للأطباء سبق وأن رفعتها نقابته منذ ما يزيد عن 15 سنة، مضيفا أن جميع هذه المطالب هي عبارة عن “نسخة مضخمة” للشروط التي نادت بها نقابته، فمثلا، عوض أن يتم مضاعفة أجر الطبيب الذي يعمل في الجنوب 3 مرات مقارنة بالطبيب الذي يعمل في الشمال، قاموا بتضخيمها أكثر وطالبوا بمضاعفته 8 أضعاف وهي المطالب التي تبقى بحسبه غير معقولة ولا يمكن تلبيتها بين عشية وضحاها خاصة بالنظر للوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به البلد.
الشروط التحفيزية أحسن بديل لـ”الإلغاء النهائي للخدمة المدنية”
وقال يوسفي إن مطالب نقابته بخصوص الخدمة المدنية تبقى واضحة وهي إلغاء الخدمة المدنية نهائيا في أجال محددة وليس بين عشية وضحاها واستبدالها بالشروط التحفيزية مستقبلا مثل تخصيص سكنات وظيفية خاصة للأطباء وعائلاتهم فضلا عن تخصيص علاوات معتبرة ومضاعفة الأجور.
إدارة المستشفيات لم تظلم الأطباء المضربين بالاقتطاع من رواتبهم
وبخصوص الإجراء الذي اتخذته عديد المستشفيات والمتمثل في خصم واقتطاع من أجور الأطباء المضربين، أكد يوسفي أن القانون واضح في هذا الأمر وينص على الاقتطاع من راتب كل طبيب يتغيب عن أداء مهامه، معتبرا أن ضمان الحد الأدنى من الخدمة لا يشفع للأطباء أخذ راتبهم كاملا كون القانون ينص على ضرورة توفير وضمان الخدمة الأدنى مهما كانت الظروف.
وعن سعي عدد من الأطباء المضربين اللجوء إلى العدالة ومقاضاة إدارة مستشفياتهم بعد خصمها لأجورهم، أكد يوسفي أنه لا أمل في العدالة لإنصافهم لأن القانون لن يقف إلى صفهم، مضيفا قوله “مواد القانون واضحة في هذا الخصوص ولا ضرورة لإتعاب أنفسهم”
راتب “8 ملايين سنتيم” قليل جدا على طبيب في الجزائر
وفيما يخص مشكل ضعف أجر الطبيب في الجزائر مقارنة مع باقي أطباء العالم وحتى مع أطباء الدول الشقيقة كالمغرب وتونس، قال يوسفي إن سبب تدني أجور الأطباء في الجزائر يعود لمشكل “عدم احترام سلّم قيم” الذي يقوم على أساس المستوى العلمي والجامعي.
وأوضح المتحدث ذاته أن شبكة الأجور في الجزائر تسببت في هذا المشكل، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار مستوى الطبيب مقارنة مع باقي الموظفين، ولم تميّزه عن غيره في نظام التعليم والشهادات، مضيفا “يفترض أنه كلما يكون هناك تقدم في المستوى يكون الأجر أعلى، وهذا أمر مفروغ منه في الدول المتقدمة، حيث يتقاضى الجامعيون، وخاصة السلك الطبي، أحسن الأجور والذين يتواجدون في أعلى سلّم القيم”.
وأكد محمد يوسفي أنه في بعض الدول، مثل فرنسا وكندا، رواتب الأطباء أعلى من رواتب الوزراء، فمثلا في فرنسا أجر رئيس مصلحة في المستشفى يفوق أجر رئيس الجمهورية ويفوق أجور الوزراء بكثير، لأنهم -بحسبه- يطبّقون سلم القيم التي تحسب على أساس المستوى العلمي…
وعاد المتحدث ذاته للحديث عن شبكة الأجور المعمول بها في الجزائر وقال “إن عديد إطارات الوظيف العمومي لها مستوى أقل من مستوى الطبيب وتتقاضى راتبا أعلى منه، في وقت يفترض أن يكون أجر الطبيب أعلى راتب في الوظيف العمومي، مستشهدا بالقضاة الذين يدرسون أقل من الأطباء، ولكنهم يتقاضون رواتب أعلى من رواتب الأطباء، فالقاضي يدرس خمس سنوات أو 7 إلى 9 سنوات كأقصى حد، في حين يدرس الطبيب الأخصائي 12 سنة، وهناك عديد الإطارات السامية في الدولة مستواهم أقل من مستوى الأطباء ويتقاضون رواتب أعلى منهم”.
وأضاف يوسفي مستغربا: “نحن نتحصل على البكالوريا زائد 12 سنة دراسة جامعية، منها 7 سنوات لنصبح أطباء عامين، و5 سنوات إضافية للطبيب الأخصائي، ثم نقضي عامين آخرين في الخدمة الوطنية، ونلتحق بالعمل وعمرنا يتجاوز 30 سنة، لنتقاضى راتبا بـ 80000 دينار.
مصطفى عمران
الأطباء الأخصائيون غير معنيين بالإضراب والاهتمام بهم وتحفيزهم ضروري
أوضح رئيس النقابة الوطنية للأطباء الأخصائيين للصحة العمومية، الدكتور محمد يوسفي، ضيف منتدى الموعد اليومي، أن الإضرابات الأخيرة التي شهدتها المنظومة الصحية لا تعني الأطباء الأخصائيين بل شن القطاع شبه الطبي إضرابا لبضعة أيام وتوصلت نقابتهم إلى ؤيجاد حل مع الوزارة الوصية، إلا أنه ومنذ عدة أشهر شن الأطباء المقيمون كونهم لايزالون في مرحلة التكوين تحت إشراف وزارة التعليم العالي إضرابا، وحينها ظهر تكتل يتكلم عن الأطباء الأخصائيين وقاموا بتغليط الرأي العام والإعلاميين بأن الأطباء الأخصائيين هم الذين شنوا الإضراب، وهذا عمل وصفه رئيس النقابة الوطنية للأطباء الأخصائيين للصحة العمومية الدكتور محمد يوسفي باللاأخلاقي بالنسبة للقانون النقابي.
فوضى في قطاع الصحة بالجزائر نتيجة غياب قانون جديد
كشف رئيس النقابة الوطنية للأطباء الأخصائيين للصحة العمومية الدكتور محمد يوسفي أنه في كل بلدان العالم القطاع الصحي العمومي هو القاطرة للمنظومة الصحية، فهو المؤسسة الصحية الكبيرة التي تتوفر لديها كل الشروط الصحية الضرورية للتكفل بالمواطن أحسن تكفل، حتى في أمريكا مع إصلاحات أوباما عادوا إلى المنظومة الصحية المشددة على القطاع العمومي يفسر المصدر، مشيرا أن كل الدول المتقدمة التي تحترم قوانين الجمهورية لديها قطاع صحي عمومي قوي كفرنسا، إنجلترا، الاتحاد السوفيتي وغيرها.. بينما القطاع الخاص فهو مكمل للقطاع العام وما هو واقع في الجزائر من ظروف سيئة فهو نتيجة عدم وجود سياسة وطنية واضحة للصحة العمومية إلى جانب عدم وجود القانون الأساسي أو العضوي للقطاع. لدينا قانون صحة منذ سنة 1985 وقد انتهت مدة صلاحيته و أمام هذا الوضع يطالب رئيس النقابة الوطنية للأطباء الأخصائيين للصحة العمومية الدكتور محمد يوسفي بوضع قانون جديد للصحة يتماشى مع الزمن الذي نعيشه ويحديد كل الأطر والصلاحيات في إطار منظم ومهيكل.
زهير حطاب