رئيس الجمهورية يعتمدها مرجعا لحفظ كرامة المواطن.. ثورة نوفمبر تعيد مسار التنمية إلى الطريق الصحيح

رئيس الجمهورية يعتمدها مرجعا لحفظ كرامة المواطن.. ثورة نوفمبر تعيد مسار التنمية إلى الطريق الصحيح

🔴   السكن حق مكفول لأبناء وأحفاد ثورة التحرير

🔴   التمسك بالمرجعية النوفمبرية أعاد سكان مناطق الظل إلى النور

🔴   مقام الشهيد… روح الثورة وصلة الماضي بالحاضر

🔴    من قرى دمرها الاستعمار إلى مدن عصرية

 

 

تفاوتت المكتسبات التي حققتها الجزائر على اختلاف سياساتها المتبعة منذ الاستقلال في المجال المحلي، حيث عرفت تقدما أحيانا وتراجعت في كثير من الأحيان، لكنها في كل مرة كانت بحاجة إلى العودة للنواة الأساسية لإصلاح ما أفسدته قلة الخبرة وتداعيات أكثر من قرن من الاحتلال، وكانت هذه النواة هي الشرعية الشعبية لوضع الجزائر في السكة الصحيحة كما جاء في بيان أول نوفمبر وثورته المجيدة التي كرست في مبادئها ضمان كرامة المواطن الجزائري والسمو به إلى عالم الرفاهية والازدهار.

التزمت السلطات العليا للبلد بمهمة الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطن انطلاقا من إيمانها بأحقيته في الحياة الكريمة، وقد تم تسجيل تحسن كبير في السنوات الأخيرة، حيث أعيد الاعتبار لقاطنة ما يعرف بمناطق الظل احتراما وتقديرا لسكانها الذين عانوا طويلا من العزلة والتهميش بعيدا عن أعين الرقابة في ظل غياب آليات ذات فعالية تسلط الضوء على هذه الأجزاء المظلمة من النسيج الوطني رغم الشكاوى التي كانت ترفع هنا وهناك، لكنها كانت تصطدم بكثير من المعوقات حالت دون تجسيد فعلي لما جاء به بيان أول نوفمبر، وغابت الحقوق في الاستفادة من أدنى شروط الحياة الكريمة لعقود من الزمن، قبل أن يعاد طرح مشكلتهم ويعاد فتح ملفاتهم التي تكدست في أدراج الإدارات العمومية بمجرد وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى كرسي الرئاسة واعلان مرجعيته الأساسية في تسيير شؤون البلد ممثلة في بيان أول نوفمبر.

 

التمسك بالمرجعية النوفمبرية أعاد سكان مناطق الظل إلى النور

Aucune description de photo disponible.

تمكن سكان مناطق الظل في الجزائر من كسر قيود الظلم والتعسف الممارس ضدهم لسنوات بفضل قرارات السلطات العليا الرامية إلى توزيع عادل لخيرات البلد والقضاء على الفوارق التنموية بين المناطق، انطلاقا من أحد أهم مبادئ ثورة التحرير التي اعتمد عليها رئيس الجمهورية، وهي المساواة بين الجميع ولا أفضلية مواطن على آخر سواء في الحقوق أو الواجبات، حيث تم الانتهاء من أكثر من 90 بالمائة من المشاريع التنموية الممولة الموجهة لتنمية مناطق الظل، والتي بلغ عددها 12561 منطقة بعد تمويل 29603 مشروع بقيمة مالية تقدر بـ 339 مليار دج.

ومنذ إطلاق برنامج ربط مناطق الظل بالموارد الطاقوية، تم ربط أكثر من 2595 منطقة ظل بالكهرباء، أي ما يمثل 64583 منزلا، كما تم ضمن نفس البرنامج ربط 2346 منطقة ظل بشبكة الغاز، أي ما يمثل 245150 منزلا، ومع إتمام هذه العمليات تجاوزت نسبة التغطية بالكهرباء 99 بالمائة ونسبة التغطية بالغاز 65 بالمائة، ثم أن هذه البرامج العمومية لا تقتصر على إيصال الطاقة إلى المنازل، بل هي موجهة أيضا إلى المستثمرات الفلاحية وكل النشاطات الخالقة للثروة ومناصب الشغل وكذا المناطق الصناعية التي تلعب دورا هاما في التنمية الاقتصادية للبلد.

كما تم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز خطوط النقل على مستوى مناطق الظل لاسيما عبر تدعيم البلديات المعنية بالحافلات سواء عبر الاقتناء أو الإيجار، حيث استفاد 635.726 تلميذا عبر 9237 منطقة ظل من النقل المدرسي، وأن العدد الإجمالي لحافلات النقل المدرسي المسخرة على مستوى مناطق الظل “بلغ 10.050 حافلة، منها 6056 حافلة ملك للبلديات من بينها 1040 حافلة تم اقتناؤها في إطار البرنامج الموجه خصيصا لمناطق الظل، و3994 حافلة مؤجرة، ضف إلى أن كل هذه الوسائل تعمل ضمن 8.809 خط مفتوح لفائدة تلاميذ مناطق الظل، أي ما يمثل 73 بالمائة من مجموع الخطوط المفتوحة على المستوى الوطني.

 

ديمقراطية تشاركية تعيد تمكين الجزائريين من مصيرهم 

Aucune description de photo disponible.

تقوم الديمقراطية التشاركية على نقل الموارد العامة وسلطات صنع القرار إلى المستوى المحلي وتشجع المواطنين على المشاركة مباشرةً في وضع الأولويات والميزانيات، وهي السياسة التي جعلت الجزائريين على اختلاف مستوياتهم وثقافتهم سواسية أمام فرصة الإدلاء بآرائهم حيال قضية المشاركة في ثورة التحرير من عدمها، ويتم النظر إلى الديمقراطية التشاركية المحلية بشكل واسع باعتبارها تعزز الخضوع للمساءلة بصورة أفضل، فضلاً عن الارتقاء بتقديم الخدمات الأساسية وتخفيف حدة التوترات، فهي تعيد للشعوب إمكانية التحكم في حياتهم وأسلوب عيشهم، بحيث يسعى المسؤولون المحليون والأكاديميون ونشطاء المجتمع المدني الذين برزوا كرواد ومؤيدين للتجديدات المتعلقة بالديمقراطية التشاركية المحلية وراء جعل أصواتهم مسموعة. حيث تُشكل السلطات المحلية جسرًا مهمًا بين الحكومات الوطنية والمجتمعات والمواطنين، وستحظى بدور كبير في الشراكة العالمية الجديدة أين يكون للسلطات المحلية دور كبير في تحديد الأولويات وتنفيذ الخطط والإشراف على النتائج والانخراط مع المؤسسات والمجتمعات المحلية.

وأشار رئيس الجمهورية في هذا السياق إلى أن تجسيد مفاهيم الديمقراطية التشاركية وتعزيز الممارسة والبناء الديمقراطي ترمي لإدماج وإشراك الجمعيات في مختلف المستويات والمواقع، من منطلق أن يوميات المواطن تمثل محور اهتمامات السلطات العليا في البلد.

 

السكن حق مكفول لأبناء وأحفاد ثورة التحرير

أقر رئيس الجمهورية عددا من الالتزامات التي تعهد بتنفيذها على أرض الواقع، معتبرا أنها نابعة جميعها من المرجعية النوفمبرية التي لا تسمح بأن يعيش الجزائري وأبناؤه محرومين من كرامتهم، حيث أشار إلى أن العيش في كوخ أو بيت قصديري يسلب منه هذه الكرامة، وعليه تم تجنيد وتسخير كل الإمكانيات المتاحة للقضاء النهائي على أزمة السكن ضمن برامج مستكملة وأخرى سترى النور مستقبلا كفيلة بحماية الطبقة الهشة وإعادة بناء الطبقة الوسطى، حيث تم منح أولوية كبيرة للارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن الجزائري الذي سيجد دائما الدولة إلى جانبه حتى توفر له عيشا كريما يصون كرامته بتنفيذ جميع الالتزامات، ومنها رفع القدرة الشرائية وإلغاء الضريبة على أصحاب الدخل الضعيف.

وفي آخر المستجدات حول واقع السكن في الجزائر، فقد أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء، خصص لدراسة ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024، بتسجيل إنجاز 250 ألف وحدة سكنية جديدة، 100 ألف منها بصيغة السكن الاجتماعي الإيجاري و150 ألف بصيغة الإعانات الريفية، وهذا تكملة لالتزامه بإنجاز مليون وحدة سكنية ما بين 2020-2024″.

 

التقدم التنموي غاية صناع ملحمة أول نوفمبر

تطرق بيان أول نوفمبر إلى المواطن الجزائري بعد الاستقلال كونه أساس كل نضال، وأن التضحيات جميعها في سبيل أن يعيش هذا الجزائري متمتعا بحقوقه كاملة ومنها العيش الكريم بتوفر ضروريات الحياة، فكان هذا هو تحدي ما بعد الاستقلال وتم التركيز على قطاعات دون غيرها لارتباطها الوثيق بحياته اليومية وعلى مدار عقود توصلت السلطات إلى حلول لتوفير خدمات في المستوى، ففي المجال الصحي، تم وضع خطة متكاملة للوقاية من الأمراض مع التشخيص المجاني المبكر للرجال والنساء خاصة بالنسبة للأمراض المرتبطة بالسن، كما يتم التشخيص المجاني المبكر لكل الأمراض عن طريق المدرسة والجامعة ومراكز التكوين وتشجيع جميع المواطنين على التشخيص لكل الأمراض بصفة مبكرة.

وحرصت الدولة على ضمان حصول جميع المواطنين على رعاية صحية نوعية بزيادة الحصة المالية لقطاع الصحة، والعمل على إنشاء مستشفيات جامعية جديدة، وحل معضلة الاستعجالات الطبية، وتشجيع الاستثمار في إنتاج الأدوية وتطوير الصناعة المحلية للدواء، مع العمل على تمكين المنتسبين إلى الصحة بالعناية اللازمة من طرف الدولة، ماديا ومعنويا، بمراجعة نظام الخدمة المدنية، ومنح امتيازات هامة للأطباء في الهضاب والجنوب.

أما في مجال التعليم الذي أصبح يؤرق العائلة والدولة معا، فالجهود جارية لوضع حل نهائي لمشكل ثقل المحفظة، مع مراجعة البرنامج الدراسي وتخفيفه، خاصة في الابتدائي، حتى يسمح للطفل أن يعيش طفولته.

وقد سارعت الدولة إلى تدعيم المطاعم المدرسية في كل جهات الوطن، لاسيما النائية والأرياف والصحراء، مع تدعيم النقل المدرسي، فضلا عن الاهتمام المؤكد بالمعلم ماديا واجتماعيا، وكذلك، الحال في التعليم العالي، الذي يتم المراهنة عليه ليلعب دورا رائدا في بناء الجمهورية الجديدة، فالمشكل في الجامعة ليـس كمـا يطرح حاليا، مرتبط بالمنظومة الكلاسيكية أو نظام “أل.أم.دي”، بل لابد من تطوير البرامج للارتقاء بمستوى المتخرجين. ولابد من ربط الجامعة بعالم الشغل حتى تكون قاطرة في بناء اقتصاد قوي، سواء في ذلك الاقتصاد التقليدي أو اقتصاد المعرفة.

وكانت الدولة قد راجعت المنحــة الجامعية، مــع تثمين المنحة بالنسبة للعلوم الدقيقة، وكذا تثمين مهنة الأستاذ والباحث ماديا واجتماعيا، وتم إشــراك الجامعيين أنفسهم في عملية النهوض بالتعليم العالي من كل الجوانب، بما في ذلك مشكلة توحيد لغـة التعليم من الابتدائي إلى الجامعــة.

وحظيت الرياضة بالاهتمام بداية من المدرسة وصولا إلى رياضة النخبة، بالإضافة إلى دعم الفرق المحترفة ووضع الوسائل المادية الضرورية لتحضير شبابها تحضيرا جيدا.

 

يستقبل 3 ملايين زائر سنوياً

مقام الشهيد… روح الثورة وصلة الماضي بالحاضر

Offensive du Nord-Constantinois et du Congrès de la Soummam: Le Musée  national du moudjahid, un livre ouvert sur l'histoire | Le jour d'Algérie

لا يمكن أن يزور رئيس دولة أو حكومة أجنبية أو شخص بارز الجزائر من دون أن يتوقف عند محطة معلم مقام الشهيد، النصب الكبير المشيّد على هضبة في العاصمة، ويضع إكليل ورود للترحم على أرواح شهداء الثورة التحريرية.

وكان رئيس الوزراء الروسي السابق ديميتري مدفيديف وصف مقام الشهيد بأنه “صرح عملاق”، وقال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إن المقام “يمثل الشموخ الجزائري”، في حين ذكر الرئيس الجنوب الإفريقي الراحل نلسون مانديلا أنه استعاد خلال زيارته المقام “ذكرى الكفاح في سبيل الحرية”.

شُيّد مقام الشهيد على ربوة عالية في حي المدنية (حي صالومبِي) سابقاً، ويتمتع بإطلالة بانورامية على شمال الجزائر، وتحيط به منطقتا روِيسو والحامة في الجهة السفلى، وهو يتربع على مساحة هكتار واحد تحمله ثلاثة أعمدة أو أركان مائلة تتسع في حال النظر إليه من أعلى إلى أسفل، وتضيق في حال النظر إليه من أسفل إلى أعلى.

ويتضمن المقام ثلاثة أركان (ثلاث سعفات) بطول 97 متراً لكل منها تلتقي على ارتفاع 47 متراً، وتظهر بشكل أسطوانة تنتهي عند قبة مبنية بشكل المعمار الإسلامي بقطر 10 أمتار وارتفاع 25 متراً.

ويتوسط الفراغ بين “السعفات الثلاث” منصة مخصصة للترحّم على أرواح الشهداء ومكان مخصص لوضع باقات الزهور في المناسبات التاريخية، وخلال زيارات الشخصيات والوفود الرسمية. وبذلك أصبحت زيارة المعلم التاريخي والترحّم على أرواح الشهداء الجزائريين أحد أهم بروتوكولات زيارات قادة دول العالم والرسميين إلى الجزائر.

ويوجد خلف كل سعفة تمثال ضخم مصنوع من برونز يرمز كل واحد منها إلى ثلاث مراحل مفصلية في تاريخ الكفاح الجزائري، هي على التوالي: “المقاومة الشعبية” و”جيش التحرير الوطني” و”الجيش الوطني الشعبي”.

ويحتوي المعلم على ساحة تقع جنب النصب التذكاري، وتحمل رمزاً يسمى “الشعلة الأبدية”، أما القسم السفلي فيحتوي على سرداب ومدرج يؤدي إلى المتحف الوطني للمجاهد الذي يخلّد مختلف المراحل التاريخية في كفاح ونضال الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، ويضم ملاحق إدارية وقاعة شرفية وقاعة للمحاضرات ومكتبة واستوديو لتسجيل الشهادات الحيّة لشخصيات شاركت في ثورة التحرير، وتركيب وإنتاج الأشرطة السمعية البصرية والأقراص المضغوطة، وأيضاً منتدى للاتصال والأنترنت. كما يضم هذا الفضاء متحف الجيش الذي يخلّد إنجازات الجيش الوطني الشعبي. ويتردد على زيارة المتحفين التلاميذ والطلاب وكل شرائح المجتمع.

وصمّم مقام الشهيد الفنانان المعماريان الجزائري بشير يلس والبولندي ماريان كونيكزي. ونفذت شركة “لافالين” أعمال بنائه التي شملت أيضاً التعاقد مع رسامين ونحاتين وفنانين جزائريين وأوروبيين.

 

موقع تاريخي

ويعتبر اختيار مكان مقام الشهيد ذا رمزية في جذور التاريخ الجزائري، إذ كان الموقع الاستراتيجي مهماً في حقب تاريخية مختلفة. ويقول أستاذ التاريخ محمد علاونة إن “هضبة الحامة التي شيد عليها هذا المعلم كانت تُستغل لمراقبة حركة الملاحة والسفن في خليج الجزائر خلال فترة الحكم العثماني، كما شهد معركة ردّ الحملة التي قادها شارل لوكان على الجزائر في 23 أكتوبر 1541، حين حطمت المدفعية التي أطلقت حينها من الهضبة سفن العدو، وردتها منهزمة”.

أيضاً يذكّر مقام الشهيد الأجيال الجزائرية بمكان المدنية الذي شهد الاجتماع الذي انعقد في شهر جوان 1954، وأطلق عليه “اسم اجتماع مجموعة الـ22 التاريخيين”، وهم الأشخاص الذين قرّروا حمل السلاح ضد المستعمر الفرنسي، وتحضير ثورة التحرير التي انطلقت بعد أربعة أشهر. وحمل لاحقاً اسم الإخوة الثلاثة من عائلة مَدني الذين خرجوا في تظاهرات 11 ديسمبر 1960، وسقطوا ضحايا برصاصات جنود الاحتلال الفرنسي. وهذه التظاهرات شكّلت منعطفاً حاسماً في مسار ثورة التحرير.

وإضافة إلى رموز تضحيات وبطولات شهداء الثورة الجزائرية المجيدة، يدل مقام الشهيد على الهوية الوطنية للجزائر، إذ تحمل صورته الورقة النقدية من فئة مائتي دينار، كما يرمز إلى فترات نهوض البلد في قطاعات الزراعة والصناعة والثقافة.

ويتزين مقام الشهيد كلما حلّت المناسبات التاريخية، وأبرزها عيد ثورة التحرير في الأول من نوفمبر، وعيد الاستقلال في 5 جويلية، ويشهد العديد من الفعاليات الثقافية والمعارض والندوات التاريخية، وتنظم فيه زيارات سياحية للتعريف بالمكان، كما يستقبل حفلات فنية في مناسبات محدّدة أو معارض كتب في ساحته الواسعة بالهواء الطلق.

ومن أجل ربط الجيل الجديد بالتاريخ، تنظم مدارس في مدن جزائرية مختلفة والكشافة الإسلامية الجزائرية زيارات لتلاميذها للمقام خلال العطل الرسمية والمناسبات الوطنية. كما يجذب المقام العائلات خلال نهاية أيام الأسبوع والعطل المدرسية.

وتقدّر إدارة المعلم توافد أكثر من 3 ملايين زائر سنوياً، وهو المكان المفضل بالنسبة إلى زوار الجزائر لالتقاط صور بسبب إطلالته الخلابة وتنوّع الواجهات التي يعكسها، كما أنه الواجهة الخلفية المفضلة لمعظم القنوات التلفزيونية في تغطية المواعيد الرسمية والأحداث الكبرى في الجزائر، كعلامة تميّز العاصمة الجزائرية عن باقي المدن وحتى البلدان.

+++

من قرى دمرها الاستعمار إلى مدن عصرية

عندما نتحدث عن مجازر الاستعمار الفرنسي وتدميره للقرى والمنازل، نستحضر معركة الحراش التي وقعت في جويلية 1831 شملت الأرجاء الشرقية المتاخمة لمدينة الجزائر في الحراش وسهل متيجة.

حيث كان «علي ولد سي سعدي» سَبَّاقا إلى تنظيم المقاومة الشعبية الجزائرية ضد فرنسا في سهل متيجة وحول منطقة الحراش ابتداء من سنة 1831، فقام بتنظيم المقاومة في فصل ربيع سنة 1831، حيت تمردت قبائل سهل متيجة لتهاجم الثكنة العسكرية الفرنسية في الحراش، بالإضافة إلى استهداف «المزرعة النموذجية» في منطقة بابا علي لوقوعهما على ضفة وادي الحراش.

ثم اجتمع «زعيم قبيلة فليسة أومليل» في منطقة القبائل، المدعو «الحاج محمد بن زعموم»، بالزعيم العاصمي «علي ولد سي سعدي» غير بعيد عن مدينة الجزائر في المكان المسمى «سيدي رزين» غير بعيد عن «مقبرة سيدي رزين» في المخرج الجنوبي لمدينة الحراش باتجاه براقي على الضفة الشرقية من وادي الحراش، وكان هذا الاجتماع يهدف إلى تنسيق عملية مقاومة جديدة ضد الجيش الفرنسي.

وكان «محمد بن زعموم» على رأس 4.000 جندي جزائري قد خيموا قرب وادي الحراش منذ أيام قليلة، في انتظار التحاق أفواج عسكرية مقاومة من قبائل شرق متيجة، كما أن المقاومين في منطقة البليدة كانوا يتكفلون بتوفير الذخيرة والمؤونة للجنود.

وكانت مجموعات زواوية تنطلق كل يوم من هذا المخيم الحراشي، لتنظيم هجوم كبير على «المزرعة النموذجية» في منطقة بابا علي بتاريخ 17 جويلية 1831.

وكرد فعل فرنسي على هذا الهجوم الجزائري، قام «الجنرال بيرتيزين» الذي كان الحاكم والقائد العام للقوات المسلحة الفرنسية في الجزائر آنذاك، بالتحرك الحثيث انطلاقا من مدينة الجزائر على رأس فيلق مكون من 3.000 جندي فرنسي واستطاع تفريق «مخيم سيدي رزين» بتاريخ 18 جويلية 1831 وارتكبوا جرائم وحشية، وبعد الاستقلال تحولت تلك المناطق إلى بلديات ومدن عصرية احتضنت آلاف السكنات والمراكز التجارية، كما تم تشييد عديد الفنادق الفخمة بها وكذا جامع الجزائر الأعظم وعديد المنتزهات المحيطة به.

 

 

أولاد يعيش من قرية معزولة إلى أرقى أحياء البليدة

أولاد يعيش (ولاية البليدة) - ويكيبيديا

كانت مجزرة أولاد يعيش في البليدة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ليلة 17 سبتمبر 1956 انتقاما للخسائر التي كبدها مجاهدو المنطقة في صفوف الجنود الفرنسيين في معركة وقعت نفس اليوم، شاهدة على وحشية الاستعمار الفرنسي الذي أباد القرية بأكملها.

وروى أحد أبناء المنطقة، الباحث في التاريخ خالد طالب، أن الحياة قد اختفت بأكملها في قرية أولاد يعيش بعد أن قتلت قوات المستعمر كافة سكانها وأحرقت المنازل والمتاجر الموجودة بها، كرد فعل “وحشي” على الكمين الذي شنه مجاهدو المنطقة ضد العدو، والذي سقط فيه 35 عسكريا فرنسيا بين قتيل وجريح.

وأضاف الباحث، الذي كان أخوه الشهيد نور الدين (1936-1960) قد شارك في الكمين الذي نصبه مجاهدو المنطقة للعساكر الفرنسيين، أن حتى الحيوانات لم تسلم من الانتقام، إذ أحرقت مع علفها، وقامت طائرات العدو بقنبلة وتدمير القرية ودام الحصار والتقتيل والتخريب مدة أسبوع كامل، لتضاف أولاد يعيش إلى القائمة الطويلة للقرى الشهيدة التي دمرتها فرنسا انتقاما من سكان عزل، لخسائر تكبدها العدو في ميدان المعركة.

وتفاقمت الأوضاع أسبوعا قبل المجزرة، عندما قتل الاستعمار أحد مناضلي المنطقة، محمد بوجمعة المدعو “محا محفوظ” ونكل بجثته ورماها بمزبلة القرية لترهيب السكان، وشكلت هذه الجريمة “النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة للسكان الذين استغاثوا بمجاهدي المنطقة لتخليصهم من ظلم الجنود الفرنسيين وغطرستهم”.

هذه المجزرة جعلت أسود الثورة التحريرية الجزائرية يعقدون العزم على إعادة الروح إلى القرية التي أصبحت مركزا حقيقيا لنشر الوعي وروح النضال من أجل الوطن، كما كانت فضاء ومقرا متفاعلا مع قادة الثورة باحتضانها لمركز تدريب على استعمال السلاح وصناعة القنابل.

وبتاريخ 14 أكتوبر 1954، عقدت قيادة مجموعة الـ22 وقيادة المركزيين والإطارات الثورية لمتيجة، بالقرية، اجتماعا وطنيا ضم 35 مجاهدا تحت إشراف محمد بوضياف، شارك فيه لحول حسين وديدوش مراد ودخلي وبوشبوبة وكريتلي مختار وبوعلام قانون، محمد العيشي والطيب البرزالي وغيرهم، واتخذت خلال الاجتماع قرارات ومواقف حاسمة تخص مستقبل الثورة.

وفي النصف الثاني من سنة 1955 والنصف الأول من سنة 1956، كانت المنطقة مركز عبور لعدة شاحنات محملة بالأسلحة المهربة من عدة جهات.

واليوم تحولت قرية أولاد يعيش إلى مدينة عصرية وقطبا تجاريا هاما بولاية البليدة، كما أضحت أحياؤها من أرقى بلديات عاصمة متيجة.

 

برج بوعريريج… صفحة جديدة بعد تاريخ مليء بالتضحيات والآلام

رحلة استكشافية اعالي جبال برج بوعريريج قرية زمورة احد القرى العتيقة -  Taflout

بعد انتفاضة المقراني سنة 1870 بإقليم الهضاب العليا، سارعت فرنسا الاستعمارية إلى تحقيق مشروعها الاستيطاني بولاية برج بوعريريج حاليا، فبعد إقدام المحتل على نهب ممتلكات وأراضي الجزائريين الذين رفضوا “الحقرة” آنذاك وراحوا ينتفضون ضد المحتل الفرنسي، حيث حملوا السلاح في وجهه رافعين شعار

“النصر أو الشهادة”، الأمر الذي دفع بالمحتل الفرنسي آنذاك إلى ارتكاب مجازر جماعية في حق السكان الأصليين وحرق الأراضي، وبعد الاستقلال تحولت برج بوعريريج من ولاية منهكة بآثار الدمار الفرنسي إلى عاصمة الإلكترونيك في الجزائر، كما تحولت إلى قطب سكني وعمراني بامتياز وأضحت ضمن أهم ولايات الشرق الجزائري.

 

الجلفة.. خطى متسارعة لإقلاع تنموي متعدد

تسير ولاية الجلفة، التي حلّ بها السيد رئيس الجمهورية، في زيارة عمل وتفقد، بخطى متسارعة لتحقيق إقلاع تنموي متعدد، في ظل تجسيد مشاريع ذات بعد إستراتيجي تماشياً ومسعى السلطات العليا للبلد للارتقاء بعاصمة السهوب.

أتت هذه الديناميكية في أعقاب قرار رئيس الجمهورية في ماي الماضي بتخصيص برنامج تنموي تكميلي لهذه الولاية التي تتميز أساسا بطابعها الفلاحي الرعوي.

ولعلّ أهم المشاريع والبنى التحتية التي استفادت منها الولاية مؤخرا، مدها بخطوط السكة الحديدية التي ستشكل فرصة لربط هذه الولاية المترامية الأطراف بمختلف جهات الوطن.

وبحسب مصالح مديرية النقل، يقدّر طول هذه الخطوط المنجزة بسواعد جزائرية بحتة، بـ 321 كيلومترا، حيث ستعزز لمرحلة جديدة تحقق فيها هذه الولاية التي تحدها قرابة عشر ولايات، تنمية مستدامة.

وفي هذا الصدد، شهدت الجلفة مد ثلاثة خطوط للسكك الحديدية أولها الخط الاختراقي العابر لهذه الولاية والذي يربط ولايتي تيسمسيلت والمسيلة على مسافة 290 كيلومترا ويمر على أربع بلديات بالجلفة ويتضمن ثلاث محطات لنقل المسافرين تم وضعها حيز الخدمة ديسمبر الماضي.

ويضاف إلى ما تقدّم، مشاريع خطوط السكك الحديدية التي تربط الجلفة ببوغزول (المدية) على مسافة 140 كيلومتراً، والخط الذي يربطها بولاية الأغواط على مسافة 110 كيلومترات وهي المشاريع المكتملة، حيث ينتظر دخولها الفعلي حيز الخدمة لاسيما بعد أن تم إنجاز محطة للمسافرين تتوسط هذين الخطين بمقاييس عصرية.

وتترجم هذه البنى القاعدية الإرادة القوية للدولة في تعزيز الشبكة عبر عدد من المناطق المحورية، لتعزيز رؤية اقتصادية بنظرة طويلة الأمد.

كما حظيت ولاية الجلفة، مؤخراً، التي كانت خلال الفترة الاستعمارية فضاءً لجرائم وحشية، بمشاريع إستراتيجية ذات بعد اقتصادي كبير، لاسيما في مجال تحقيق الأمن الغذائي، أهمها إنشاء منشآت لتخزين الحبوب تقدر سعتها بمليون و400 ألف قنطار.

في هذا الصدد، أكّد والي الجلفة، عمار علي بن ساعد، أنّ مشاريع هياكل التخزين التي استفادت منها الولاية تتمثل في منشآت صوامع تقدر سعتها الإجمالية بمليون قنطار، يضاف لها ثمانية مستودعات طاقتها الاستيعابية تقدر بخمسين ألف قنطار لكل واحدة منها.

وأضاف بن ساعد أنّ هذه المكاسب التنموية التي حظيت بها الولاية في إطار إنجاز المشاريع القاعدية الكبرى لزيادة قدرات تخزين محاصيل الحبوب، تندرج ضمن سياسة الدولة لتحقيق الأمن الغذائي.

وتمّ الأخذ بعين الاعتبار تقريب هذه المنشآت من شبكة الطرقات الوطنية، لاسيما الطريق الوطني رقم 1 وكذا خطوط السكك الحديدية التي تدعمت بها الولاية في الآونة الأخيرة.

وسجّلت جامعة “زيان عاشور” بالجلفة نقلة علمية نوعية في إطار مواكبة سوق العمل ومتطلبات التكوين، وذلك من خلال استحداث عدة تخصصات في الهندسة وفتح ملحقة لكلية الطب وتعزيز التكوين الجامعي بفتح تخصص للبيطرة بمسار ست سنوات.

وأوضح رئيس هذه الجامعة، الحاج عيلام، أنّ خارطة التخصصات البيداغوجية بهذه المؤسسة الجامعية شهدت استحداث عدة تخصصات في الهندسة وفتح ملحقة لكلية الطب تابعة لجامعة الجزائر 1.

ويتعلق الأمر بتخصصات الهندسة التي استحدثت لأول مرة المتمثلة في تخصص مهندس دولة في الإلكتروتقني وفي الهندسة الميكانيكية وهندسة الطرائق والعلوم الفلاحية والهندسة المدنية.

وتعزّزت حظيرة قطاع الصحة بالجلفة هي الأخرى بمشروع هام لطالما شكّل مطلباً ملحاً للسكان، وهو مركز مكافحة السرطان الذي شكل مشروعه التزاماً قوياً للسيد رئيس الجمهورية، الذي أمر بالإسراع في إنجازه وتجهيزه بالكامل في عدة مناسبات.

وتقدّر طاقة استيعاب هذا المرفق الذي أنجز على مساحة تقارب 5 هكتارات بغلاف مالي فاق 6.18 مليار دج، بـ 120 سريراً ويتضمن ثلاثة مسرعات تساهم في ضمان حصص علاجية لنحو 150 مريضاً بالسرطان في عدة مصالح متخصصة في مختلف أنواع الأورام السرطانية.

 

معدل الربط بالكهرباء يتجاوز 99 بالمائة

بعد الاستقلال، كان الربط بشبكتي الكهرباء والغاز ضمن أهم التحديات، وهو المسعى الذي سعى إليه المسؤولون الجزائريون آنذاك بعد 61 سنة من الاستقلال، حيث كشف وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أن سونلغاز حققت نتائج هامة وتتواجد في كل أنحاء الجزائر، حتى في المناطق النائية، حيث حققت إنجازات كبيرة نجحت في الوصول إلى معدل ربط للكهرباء يتجاوز 99٪ ومعدل تغطية للغاز يزيد عن 73٪، مما يعكس جهود عمال وعاملات هذه الشركة، ومستوى تطور بلدنا في مجال الطاقة.

مضيفا أن قدرة انتاج الطاقة الكهربائية لسونلغاز اليوم أكثر من 000 25 ميغاواط، تسمح بتزود الملايين من المتعاملين من مختلف مستويات الضغط (منخفض، متوسط وعالي)، عبر أكثر من 000 427 كيلومتر من خطوط توزيع ونقل الكهرباء.

كما تمتد شبكة نقل وتوزيع الغاز على أكثر من 000 173 كيلومتر، مما سمح لها بإنشاء شبكة متجانسة تغطي معظم التراب الوطني، دون إغفال مساهمتها، من خلال انجاز البرنامج الوطني للطاقات الجديدة والمتجددة، في التقليل من البصمة الكربونية.

للتذكير، لم يكن لدى سونلغاز عام 1969 سوى 6000 عامل لخدمة 000 700 زبون، بمعدل ربط وطني بالكهرباء لا يتجاوز 40٪ ومعدل تغطية بالغاز لا يتعدى 20٪، واليوم، تحوز الشركة أكثر من 90 ألف عون في خدمة حوالي 11,5 مليون زبون للكهرباء وأكثر من 7,3 ملايين زبون غاز.

 

روبورتاج: رفيق. أ/ إسراء. أ